Saturday, October 30, 2010

أن تظل قويا

من أين أبدأ تدوينتى ، ربما من مساء أمس وأنا أشاهد فيلم "Conversations With Other Women" الفيلم كان دافئا بعمق ، ذلك الدفء الذى يتسلل إليك فى مناطق من الروح لا تكتشفها إلا عند اللمس .

الفيلم وضعنى فى حالة عجيبة ، لست حزينة لكنى أفكر فى الحزن ، لم أتخذ قرارا بالحزن بعد .. بمجرد أن رأتنى أختى فى هذه الحالة لعنت مثل هذه الأفلام ، تركتها وانسحبت إلى شقتى بالدور الأعلى .

فقط تأملت الفيلم ، لمن لا يعرفه فهو يحكى عن قصة زوجين انفصلا وبعد سنوات تأتى هى إليه فى فرح أخته وينخرطا فى حديث طويل ممتع هو كل ما يدور حوله الفيلم ، يمارسا الحياة بمتعة مختلسة من الزمن ومن زوج آخر وصديقة آخرى .

لم أكن أفكر فى ما إعتقدت أختى أنى أفكر فيه ، فقط كنت أتأمل الحالة ، فى أوقات كثيرة أود لو أصرخ أن من حقى أن أكتئب للحظات ..لذا لا تقلقوا كل هذا القلق والخوف من الإنتكاسة .

أعرف أنى عشت لحظات صعبة جدا ، لكنى لن أعود إليها مرة آخرى ، أنا أحكم من ذلك كله .

يثيرنى الفيلم لإعادة إكتشاف نفسى ، أتذكر ما قاله لى رجل إيمانى سبق وتنبأ لى بذلك " قال ستكتشفين نفسك كما لم تفعلى من قبل" ، " سيرحل عنكى كل من يقومون بإيذائك" ، " ينظف الله بنفسه حياتك ويعيد ترتيبها " .

كان ذلك بمثابة تحدى حقيقي لكل ما أؤمن به .

أعرف أننى أسير الآن وفقا لإرادة الله ، أعرف أن على دور مرسوم بدقة وبحكمة يجب أن أؤديه ، وأعرف أننى أنا التى طلبت ذلك .

فى لحظات الإيمان الحقيقية التى أتواصل فيها مع الله بعمق أرى المستقبل ، لكنى لا أفهم هل ما أراه حقيقيا أم ماذا ؟

فى كل ما ارى أعرف أننى لن أعانى مرة آخرى ، فى كل السيناريوهات التى وضعتها فهمت أنها بلا معاناة .

الآن فى هذا الصباح أخطط ليوم ميلادى بعد شهر ونصف من الآن ، أضع أيضا كل السيناريوهات الممكنة بلا معاناة .

سأعيد إكتشاف نفسى واماكنى المعتادة .. الآن أنا أفضل رغم كل شىء .

Friday, October 22, 2010

طعم النجاح


الأمس كان دافئا وجميلا .. كم بدت طعم السعادة لذيذة ، كانت ندوة لى فى جامعة القاهرة بكلية الآداب عن " أن تحب نفسك لأنك تستحق" كنت خائفة ومتوترة ، أحب الكتابة لكن لا احب الحديث فى الندوات ، وأظن أننى لا أجيدها ، رغما عن ذلك كنت جيدة كما أخبروننى ، أبهرنى كم التصفيق ، وكم الناس التى تعرفنى ، والتى طلبت صور معى كأننى ليلى علوى مثلا .. ما زالت صورتى عن نفسى هى تلك الصغيرة الا مرئية التى تحب أن تصبح محور الكون .

كنت ألمح فى أعين البنات اعجاب، ذلك الإعجاب الذى كنت أكنه لأبطال مراهقتى ، سحر الموجى وسوزان عليوان .

كنت عاجزة أمام كل ذلك ، كنت أرغب فى البكاء ، لكنى كنت أستمر .. قبل أن أذهب طمأننى زنجى أن لدى الكثير من المعجبين ، لكنى لم أصدق .. لم أكن أعلم أن ما أكتبه فى الشروق ينتظره أحد .

أعرف أنى أتحدث جيدا ، لكن كطفلة تحب الأضواء ، ليس أكثر .. لم أكن أتصور كل ذلك .

بدت لى بعض الأسئلة كأسئلة النجوم ، مثل كيف أصبحت مدونتك من المدونات الشهيرة ؟ لم أجد إجابة عن السؤال ، عندما سألتنى البنت عن بداية اهتمامى فى المدونة ، أخبرتها أننى كنت أهتم بنفسى وبخطيبى ، وبالمظاهرات وأصدقائنا فى السجن ، وعندما أصبحت زوجة ، كنت أهتم بنفسى وبزوجى وبطفلى المنتظر ، كنت أريد أن أخبرها بأننى الآن أهتم بنفسى وبقطتى وزرعى .

أخبرتهم الجميلة نهى محمود عنى أشياء لم أكن أخبرها ، تحدثت عن أننى امرأة قوية ، وحدثتهم عن زواجنا وطلاقنا ..حدثتهم عن زرعى وقطتى وعصافيرى .. لأول مرة أتحدث عن الزواج والطلاق بلا مرارة ، بتسامح عجيب .. بحيادية تامة .

ممتنة لله لأننى طلبت منه أن تنجح هذه الندوة ، وممتنه لكل من حضروا .

Friday, October 08, 2010

مزرعة كبيرة

بمجرد أن رآنى أحمل زهراتى الكثيرات فى الروف الكبير ، أخبرنى محمد البواب أنه سيعتنى معى باللبلاب ، وسيصنع لها حبالا ، عندما صعدت زوجته للتنظيف اليوم ، صعد معها وعلى وجهه ملامح فرح طفولية ، ذكرتنى بالمشهد المتخيل فى ذهنى لصبى يلعب بالتراب ، أخذ يرتب الحديقة الصغيرة ، ويصعد الى سطح العمارة لأخذ طين سبق وخبأه ليستعمله عندما يحتاجه .

أخذ يفهمنى "لازم نخلط الطينة بتاع الزرع بالطين الصناعى بالطينة بتاعتى" ، وأخذ يرتب ذلك فى سعادة بالغة ، أخبرته زوجته أنه لا داع لكل ذلك وأنه سيلخبط كيان الروف الذى تنظفه بصعوبه ، لكنه كان يقنعنى بسهوله ، فتحمست للعبة ، وأخذ يشرح لى أسم كل زرعة مما اشتريت ، وكيف يمكننى الاعتناء بها ، وأقنعنى أن نحضر طوب كثير وأسمنت ونبنى مزرعة ونخرج الزرع من أحواضه البلاستيكية ليتنفس بسهوله .. لكنى أجلت الفكرة .

بدت زرعاتى راضيات بما فعل محمد فيهن ، ظللت أرويهم بمياة كثيرة ، ولأن زوجته الجميلة التى أحبها جدا تريدنى سعيده فسمحت له بفعل ذلك مقابل أن يتولى عنها مسح الروف ، فوافق بشدة ليتفرغ لممارسة ما يحب ، أخذ يخبرنى عما فعله فى السطح المجاور لى والذى يبهرنى جمال زرعه ، وأخذ يشرح لى كيفية شراء شجرة صغيرة ووضعها فى برميل .

وأخذ يعدد لى تكلفة بناء الحوض الأسمنتى الكبير ، متذكرا أرضه التى تركها منذ أن قرر أن يعمل كبواب لعمارتنا منذ أكثر من سبع سنوات .

كنت منتشيه بمجرد انتهائه من إعادة الاعتناء بمزرعتى الصغيرة ، لا أعرف لما تخيلت أننى يوما سأمتلك بيتا بحديقة وسأحتسى فيها القهوة ، وألعب مع كلب صغير سيبيت فى حديقة البيت .

وسيصبح عندى صغارا يلعبون مع الكلب ويخافون من إتلاف الحديقة خوفا من إغضابى وعقابهم .

سيرتدى الصغار ما أشتريه لهم من ملابس أخبئها فى صندوق أحتفظ به فى الدولاب لهن ، بمجرد أن رأيت فيلم " طعام .. صلاة .. حب" والبنت السمراء تخبر ليز بأنها تخبىء تحت سريرها صندوقا لملابس طفلها من قبل أن يأت ، تذكرت أننى الآخرى أفعل ذلك .

يبدو أن الورد والزرع يمنحانى مزاجا رائقا جدا .

Monday, October 04, 2010

عصافير وشجرة سرو


بدا لى منظرى مضحكا جدا وأنا أقود سيارتى ولعة الصغيرة وداخلها ثلاث شجرات يطلون على العالم من خارج النافذة ، وقطتى بجوارى ، وقفص العصافير الذى اشتريته فى نفس الوقت يرقد على الكنبة الخلفية بجوار الشجر ، بمجرد أن دخلت إلى الشارع ووقفت بجوار المنزل ليساعدنى البواب فى صعود كل هذه الأشياء الى المنزل ، فهمت كيف ينظر لى البواب وزوجته ، تقريبا بنت غلبانه فى مخها وطيبة ويبدو أنها فى بعض الأوقات تفعل أشياء مهمة ، يصر محمد البواب أن يقول لى دوما " أستاذة " وسمى ابنته الصغيرة على اسمى ، ورغم كسله الرهيب إلا أنه دائما ما يتفانى فى مساعدتى .

نظر الى كائناتى الكثيرة التى وضعتها فى السيارة ، ولمحت شبح ضحكة على شفتيه وفى عينى زوجته ، ما بدا فى عينى زوجته كان اكثر من ضحة ، كان لوم لأنها تعرف أن رشا أختى متعبة وترقد فى السرير منذ أيام ، وشعرت أنى ألعب بكائنات إضافية لا أحتاجها

طبعا أمى كانت ترى ما فعلته قلة عقل وفلوس ضايعه على الفاضى ،لكننى رغم كل ذلك كنت منتشيه جدا بهذه الكائنات التى ستضاف الى المنزل وتسكن الرووف الكبير .

منذ أن رأيت شجرة السرو وأنا أبحث عنها وأتخيلنى فى المساء وقد جلست لأقرأ كتابا ورائحة الليمون تنبعث منها ، وتخيلت المشهد مضافا إليه عصافير تزقزق بهدوء .

وكنت أريد لبلاب كما فى السطح المجاور لى ، كلما يمر الوقت أراه يتسلق أطول وأكثر خضرة ، هذه الأيام أشترى أشياء تنمو بجوارى لأرى كم مر من الوقت وكم قطعت من مسافات .

الأيام السابقة عندما اشتد على الوجع كنت أعدد لنفسى أسباب تكفى للفرح ، رواية الطنطورية ، لى لى ، ما يمكننى تحقيقه من أحلام ، انجازى فى الرسالة رغم تأخرى فيها لسنوات ، لكننى أخيرا أنجزت .

كنت أحاول أن أنشىء علاقة مع نفسى ، جاء مرض أختى موجعا لى ومؤكدا على مشاعر الوحدة ، لكنى أحاول التغلب على ذلك بالعمل ،وحساب كم تبقى من الوقت لتسترد صحتها ، والقراءة والكائنات السحرية التى أضيفها يوميا الى منزلى ،و أصنع بينها علاقات

فى الصباح عندما اكتشفت لى لى أن العصافير يحتلون موقع هام من الرووف الذى تحبه صعدت اليهم رغم وضعهم فى مكان عال ، لكنها صعدت اليهم وتقريبا اسرت اليهم بأشياء فزعتهم ، لكننى جلست معها فى جلسة ضاحكة أشعرتنى أننى بالفعل امرأة مجنونة وأخبرتها انهم أصدقاء جدد وعليها أن تحبهم وتصادقهم كما الزرع ، العجيب أنها فهمت من لهجتى أننى غير راضية عن سلوكها فجلست تنظر اليهم من بعيد وتتامل تلك المساحة التى اقتطعوها منها .

سعيدة وراضية بهذا الصباح الذى تفوح منه رائحة البخور وصوت كامليا جبران ، وسقى مزرعتى الصغيرة ، ووضع الأكل للعصافير ولى لى .. راضية بهذا الوطن الصغير .

Saturday, October 02, 2010

الطنطورية

أعرف أن أبى أسمانى رضوى على اسم رضوى عاشور ، لم أهتم بالكاتبة من قبل ، ولم أقرأ لها سوى "خديجه وسوسن " ، فجأة اجتاحتنى رغبة لقراءة كل أعمالها وتزامن ذلك مع حمى القراءة الأخيرة التى تنتابنى منذ شهور .

أكثر رواية تحمست لها هى الطنطورية ، روايتها الأخيرة، وجدت شبها بينى وبين بطلتها " رقية " تلك الرغبة فى صنع الفرحة وسط الدمار ، القدرة على فعل أشياء تبدو عادية لكنها بمثابة عالم مواز ، الرواية بمثابة تاريخ بلد .. تاريخ فلسطين، حكى التاريخ بالنسبة لى شيئا مملا ، لكنك حين تقرأة بقلم رضوى عاشور وتسبح مع أبطالها فى حكى مميز تكاد تذوب بين السطور .

للأشياء رائحة ، توافقنى رقية فتحن الى رائحة البحر فى الطنطورية ، تبحث عن أشياء تخصها فى كل مكان تذهب إليه . رقية تصنع وطنا فى كل مكان تزوره .

أنا أيضا اصنع وطنا أسكن إليه ، وطنا فى شقتى ، أصبحت مشغوله حد الهوس بالنبتات الصغيرات فى الروف الكبير ، أدخل لأطمئن عليهن واتابع نموهن ، يحن قلبى على زرعات شقة أمى ، فأرعاهم وأسقيهم بالمياة فأشعر وكأننى أحتضنت طفلا .

لا أفهم ذلك الاهتمام المفاجىء بالزرع ، ربما كما قالت صديقتى لديك حنان زائد توزعينه بالتساوى بين زرعاتك وقططك وبعض ممن تحبين .

مستمتعة بالجلوس فى المنزل ، أذاكر وأنهى ما تبقى لى من الرسالة ، وأقرأ رضوى عاشور فى أوقات الاستراحة ، وأقاوم بعض أفكارى الحزينة ، أحول عالمى الى وطن صغير يمكنه أن يحتوى كل أحلامى وأمنياتى الصغيرات .

eXTReMe Tracker