Wednesday, November 22, 2017

إنه الشتاء يا أبى


أبى  الحبيب

أعرف أنك بالأمس كنت ستخرج إلى مقهاك المفضل  مرتديا ذلك البالطو الكحلى الذى أحبه ، وستضع كوفيتك الجميلة ، لم أجرؤ على أخذ أى من ملابسك ، رشا أخذت البالطو وقالت أنها ستشعر بالتحسن إذا كان جزء منك موجودا معها ، كلما شعرت بالثقل ستختبىء فى البالطو .

أستيقظ يوميا برغبة صادقة فى الفرح ، أقاوم كل الخذلان اليومى الذى يفرضه على الواقع ، الحياة تضيق بنا يا أبى لكنى أبنتك و أردد لنفسى ما كنت دوما تقوله لنا .. غدا أفضل .

ممتنة لك هذا الصباح لأن صلابتى النفسية أنت السبب فيها ، كتبت اليوم على صفحتى على الفايس بوك  أننى أقاوم واقعنا اليومى بتلك الصلابه .

الحياة صعبة يا أبى وأنت أورثتنا حب الوطن والرغبة المستميته فى عدم الفرار ، صدقنى أنا أواجه باستماته كل صباح سخافات العالم لكنها تتزايد ، أحاول أن أزرع فى سلمى مازرعته داخلى ، نمارس أنشطة كثيرة ، نضحك ونلعب سويا ، نقضى وقتا ممتعا، نذهب لمشاهدة مسرح العرائس ودرس الموسيقى ، أسمع مقترحاتها ، أمنحها مساحة للتعبير عن غضبها .

أنا لا أستطيع الاستمرار فى ذلك ، البديهيات فى هذا الوقت أصبحت أكافح من أجلها ، الحياة تتعقد وأنا لا أريد سوى حياة بسيطة تسمح لنا بالمتعة الخالصة .

أحاول أن أبدو تلك البنت الراضية ، أكافح لكى أكون مرضية ، أفعل كل الأشياء التى تبدو صحيحة كما يقول الكتاب ، ما زلت أضع أكلا لعصافير الله فى السماء وما زالوا يمتنون ويملئون البلكونه صخبا ، منذ أيام نظرت للأموال المتبقية حتى أخر الشهر وفكرت فى سعر الذرة العويجة الذى تزايد وأخذت القرار بلا تردد اشتريت لهم الكميه التى سيحتاجونها لأسبوع وقلت لنفسى لن أفكر فى الأسبوع القادم . فلنعيش لليوم فقط .

ما زلت أحتسى القهوة فى الصباح ،وأمتن لله على كل الفرص ، فى وسط قرفى ونقمتى أول أمس قلت لنفسى على أن أمتن لكل ما يحدث من مفاجآت صغيرة ، ابتسمت رغم السخف .

دعنا نتحدث عنك قليلا ، أريدك يا ابى أن تحدثنى عن العالم الآخر ، كيف تقضى يومك ؟ هل ما زلت تحتسى القهوة فى الصباح وهل ما زلت تشربها باردة وهل وجدت رفاقك القدامى الذين رحلوا كما تركتهم منذ سنوات ؟

منذ متى يا أبى ونحن نريد الجلوس سويا فى مقهى وحدنا ، آخر مرة  جلسنا فيها كانت منذ أن حدثتك  لأول مره عن رغبة محمد فى الزواج منى.. حدث ذلك منذ خمس سنوات .

على كل لا تقلق أنا أفضل الآن بعد الحكى معك ، ربما أصبح بمقدورى أن أستحضرك عندما أريد .

ما زلت تلك البنت المبهجة القادرة على صنع الفرح ، أعدك أننى سأستمر فى المحاولة ولن أخذل نفسى ، سأسمح بالقليل من الحزن ثم سأستمر فى صنع الفرح وسأمتن للأشياء الصغيرة وألتقطها وسأستمر فى  وضع الأكل للعصافير والأبتسام فى وجه الحزن .

eXTReMe Tracker