Thursday, January 31, 2008

سوق خضار




أحلم دوما بالتجول فى السوق وشراء طماطم وخيار وبطاطس وكرنب وبصل وأشياء آخرى ، أمر على السوق يوميا فى الصباح الباكر أثناء ذهابى إلى عملى ، أتأمل فى الباعة وفصال الزبائن ويظل حلم الشراء مبكرا من تلك الأشياء الطازة حلما يراودنى

أكاد أعرفهم جميعهم ، تلك التى تبيع السمك أمام قضبان السكة الحديد وجارتها التى تبعد عنها قليلا وتبيع العيش أبو ربع جنيه .. وتلك الفلاحة التى تبيع العيش بخمسين قرشا للرغيف الواحد ..وذلك الرجل مفتول العضلات متقلب المزاج الذى ينهر المرأة العجوز


أعرفهم جميعا وأعرف من منهم يحب الفصال ومن منهم لا يطيقه ..حتى الكلب المتجول بين بائعة السمك وقضبان السكة الحديد أعرفه جيدا ولا أخاف منه كما أعتدت الخوف من الكلاب ، طيب ومسالم وصديق للقطة المجاورة لبائع السمك لدرجة أنها لا تخاف منه هى الآخرى كما عودتنا الحواديت .


الكل فى حالة نشاط روتينى الباعة يبيعون وتنطلق أصواتهم بالنداء على بضاعاتهم والنساء تقلبن فى البضاعة وتفاصل وتشترى وأنا أحلم بشراء إحتياجاتى فى صباح باكر وأن أمسك "بوك فلوس" كما الذى تمتلكه جدتى وأشترى وأصعد للبيت لتنظيف الخضار الطازة استعدادا لحضور عمرو ..لكننى لم أفعل يوما ذلك .


بالأمس بدا السوق فى حالة تخبط منذ بدايته عند التقاطع مع شارع عمر بن الخطاب ..تفرقت النسوة فى رعب وإمتلىء الشارع بالعشوائية والخناق بين رجال البلدية والباعة ..أراه بائع البصل والطماطم يزعق بعنف مع رجل البلدية بينما يرمقه ذلك الواقف بزيه الميرى بنظرة ناريه وينطلق صوته بعنف " اخلص يا ابنى " وتنطلق فى المنتصف بعض الألفاط القبيحة


وبدا الشارع فى حركة عشوائية تدريجية كلما اقتربت من آخره حيث موقف الميكروباصات ، تقف بائعة السمك لتسأل بائعة العيش " اكتفوا لحد كدة ولا هيجوا لقدام" ترسل ابنتها الصغرى لمراقبة الموقف ، يفر الكلب برعب من المكان أراة يتخبط بعشوائية متحركا فى أكثر من إتجاه فى نفس الوقت

يختفى بائع الليمون من المشهد مسرعا ، ترمقه المرأة المتسوله وتهتف بأسمه فأكتشف أنه إبنها ..يرتبك صاحب المقلة ويدخل بضاعته التى يضعها على الرصيف ..بينما أتجه إلى الجهة المقابلة للركوب سمعت من بعيد صوت بائعة العيش تلعن الحكومة والبلدية وأبو الفقر والزنقة

Sunday, January 13, 2008

القاهرة - بيروت

كم أنت بحاجة إلى الكتابة يا رضوى ..ظللت طوال الستة أيام الماضية تشتاقين إلى تلك الجلسة والكتابة بشكل حميمى على جهازك ..ها أنت الآن تكتبين وتنطلق أصابعك بخفه على الكيبورد

يااااااااااه كم مرت الأيام السابقة كلمح البصر ..سأكتب بشكل تفصيلى عن كل يوم قضيته فى بيروت ..سأكتب بشكل ذاتى عما تمثله بيروت لى ..باختصار سأكتب عنى هناك

عذرا لمن لا يحب الكتابة الذاتية ..عذرا لمستخدمى جوجل الذين شاء حظهم العسر أن يكونوا هنا ..بامكانكم جميعا ان تستخدموا علامة اكس الموجودة فى أقصى يمين الصفحة .


الأحد

رغم فرحى الشديد بالسفر إلا أننى إستشعرت خوفا بمجرد إغلاق الشنطة ، تأكدت جيدا أننى أخذت معى كل ما يطمئننى ، مصحفى ..صورتى انا وعمرو ..دباديبى ..نخلة بغداد الصغيرة ..وأشياء آخرى

تغلبنى الرغبة فى البكاء وأنا فى السيارة التى ستقلنى إلى المطار ..أستشعر كم سأفتقد عمرو لكننى أقاوم ..فكل ما سيحدث اليوم جديدا بالنسبة لى فتلك هى المرة الأولى لى فى السفر خارج مصر

بمجرد أن نأخذ مدحت زميلى فى العمل من تحت بيته تنتابنى مشاعر إطمئنان بأننى لست وحدى ..ننطلق أنا ومدحت إلى المطار ، يتصرف بسرعه فى الإجراءات وأطمئن إلى قيادته وبدت لى كل تلك الإجراءات عجيبه

أبدو كالفلاح القادم لأول مرة إلى العاصمة الكبيره ..بدا المطار كبيرا جدا لى ..إستقليت الطائرة بمزيج من الإنقباض والرغبة الشديدة فى البكاء و إستعجاب طفولى

أنظر بجوارى فى شباك الطائرة أثناء الصعود فأجد القاهرة مجرد أضواء صغيرة ..صغيرة جدا..وهكذا بيروت عند الهبوط ..فاقول لمدحت بأن المدن تتشابه جميعها من أعلى لذا ينظر الله لنا بشكل متساوى

نخرج من المطار لنجد رجل طيب يحمل لافتتين عليهما إسمى وإسم مدحت ، نركب معه فى السيارة ..وأظل أتامل فى شوارع بيروت ..تبدو لى للآن مدينة عادية شبيهة بالقاهرة ..الشارع خاو ..لا أحد فى الشوارع

نصل إلى الفندق ، أسرع إلى غرفتى وأرتب أشيائى بعناية وأضع صورة عمرو بجوار السرير ..أقبله وأنزل لتناول العشاء ..نحاول أن نخرج فى التاسعة مساء لكن الظلام الدامس فى منطقة الفندق يخيفنا فنقرر أن نصعد لننام مبكر وننتظر حتى مساء اليوم التالى عندما يأتى بقية أصدقائنا من القاهرة ..أصعد لأنام لكننى أستيقظ فى رعب عندما أستمع إلى صوت طائرة و سيارة بوليس


الإثنين:-


نحضر فى الصباح ورشة العمل ، يرحبون بنا بشكل مربك ، نظل نتسائل أنا ومدحت عن سر هذا الترحيب الفظيع ..يمر اليوم ببطىء شديد

نفقد الرغبة أنا ومدحت فى الحديث مع بعض ..ألتف حول نفسى أستشعر قلقا وإشتياقا إلى القاهرة ..تبدو المدينة مخيفة لى وأظل أعدد فى الأيام المتبقية

فى الثامنة تأتى نانيس وكارمن..لكارمن روح خفيفة مرحة ..تحول أيامك إلى مرح حقيقى ..نقرر الخروج فى الثامنة ونصف مساء ..نفوجىء بأن المحلات تغلق أبوابها فى السابعة بينما
تتأخرالمولات إلى العاشرة

نذهب إلى مول فخم جدا ..أتامل فى أفخم الموديلات وأفوجىء بالأسعار التى هى أضعاف أضعاف مصر .. نأكل أيس كريم ويظل ثمنه يحرقنى جدا ..نضحك لآنه أغلى أيس كريم أكلناه فى حياتنا ..نطلب من سائق التاكسى فى الرجوع أن يسمعنا صوت فيروز لكنه يعتذر بأنهلا يحمل شرائط لفيروز وينطلق صوت عمرو دياب فى السيارة ..نصل إلى الفندق وينتابنا الملل من تلك المدينة التى تغلق مبكرا


يضحك معنا مدحت ويذكرنا بمشهد من فيلم لا أتذكر إسمه ينزل فيه الرئيس إلى الشارع ويسأل نائبه " أنت وديت الشعب فين؟" نظل نتسائل عن مكان الشعب فى بيروت ..ونقضى الليلة فى غرفتى نضحك حتى الواحدة صباحا ونغط فى نوم عميييييييييييق


الثلاثاء

نقرر أن نزوغ من ورشة العمل حتى نرى بيروت فى الصباح لكننا رغما عن ذلك نسأل الجميل إيلى الاعرج رئيس ورشة العمل ومدير جمعنية العناية الصحية ببيروت فيطلب منا بضحك أن نزوغ دون أن يرانا أحد

..يستقبلنا صديق لبنانى آخر ويصطحبنا إلى مطعم للعشاء ، نطلب مطعم فيه أغانى حية ..لكنه يصحبنا إلى مطعم عجيب تملئه رائحة دخان الشيشة التى تشربها النساء هنا بشكل أكثر من الرجال وكل منهم يغنى فيما يسمونه على ما أظن " الكاريوكى" واستمعت فى هذا اليوم إلى أبشع الأصوات فى حياتى ودفعت مبلغ وقدره فى العشاء وظللت محروقة عليه مضاف إليه حرقتى على ثمن الايس كريم فى اليوم السابق

ينتابنى إحساس بالملل من المدينة لكننى لا أفقد الأمل وأظل أقول لنفسى أننا لم نكتشفها بعد وأنهم أساءوا تقديمها لنا بتلك الأماكن وأقرر بأننى سأزوغ فى يوم من الورشة وأبحث عن مقهى قريب أحتسى فيه القهوة وأستمع إلى صوت فيروز


الأربعاء

يمر اليوم ثقيلا أشعر بالحزن ..ينقطع إرسال موبايلى ..لا أسمع صوت أحد من القاهرة ..يوجعنى ألم فراق عمرو

..أستشعر لاول مرة ألم إختلاف الديانه ..أغلب الناس هنا مسيحيون وأنا المسلمة الوحيدة فى الوفد المصرى

..أشعر بالوحدة ..أصعد إلى غرفتى وأظل أبكى

نخرج فى المساء إلى إحدى الشوارع القريبة والتى تعد رخيصة بالنسبة لبيروت لكنها غالية جدا بالنسبة لمصر .. نشترى أشياء قليلة وكنت قد بدأت أفقد القدرة على الإستمتاع ويظل حلم القهوة يراودنى فأسأل عن مكان قريب من الفندق فلا أجد .. يظل اليوم كئيبا وأظل أفسر ذلك الشعور بالوحدة والألم لكونى اقلية


الخميس

أستمتع جدا بذلك اليوم وخصوصا عندما زرت كنيسة حريصة ومناطق آخرى تراثية تشبه الحسين وخان الخليلى ..أفرح جدا لكننى أفشل فى العثور على مقهى تقليدى ويصحبنا إيلى الاعرج فى المساء إلى مطعم جميل لنتناول العشاء وتغنى فيه مطربه جميلة الصوت لفيروز وشادية وعبد الحليم وسعاد حسنى وأغانى لبنانية وطنية كثيرة

شعرت بالحميمية وبدأت فى التعرف عن قرب بأفراد المؤتمر من اللبنانيين وبهتنى ذوقهم ورقتهم ..وفى نفس الوقت يعود موبايلى إلى الإرسال وأستقبل مكالمات من عمرو وأمى وأختى وحماتى فافرح وأطمئن جدا ..ويظل هذا اليوم خاص جدا فى تعرفى على بيروت .. وأنام باطمئنان وسكينة وتغادرنى أى مشاعر ثقيلة


الجمعة

أستيقظ سعيدة ..أحسب فى اليوم الوحيد المتبقى على المغادرة ..نختتم ورشة العمل مبكرا وأذهب وحدى فى الصباح لشراء مجلات وجرائد وكتب لبنانية

أستقل تاكسى بمفردى وأظل أحفظ فى إسم الشارع لأعرف كيفية العودة وشعور طفيف بالخوف وعدم الأمان فى تلك المدينة ..تراودنى صورة إنفجارات وخصوصا بعد علمى بأن تلك المنطقة من أكثر الأماكن عرضة للانفجارات

أشترى لعمرو مجلات وجرائد كثيرة ويتحدث معى سائف التاكسى بسعادة لمعرفته بأنى مصرية ويظل يرحب بى بشكل غير عادى

الكل فى لبنان يفرح جدا بأننا من مصر ..ويحكون عن إشتياقهم لرؤية مصر ..أستشعر حميمية فى البشر جميعا سائقى التاكسى والعاملون فى الفندق الذين يستقبلوننا بابتسامة حميمة صادقة و يسمحون لنا بتخطى مواعيد الأكل بترحاب حميمى ..الكل فى لبنان جميل ..المدينة جميلة وتتمتع بروح خفيفة

رغم أنى لم أحتسى فنجان قهوة إستثنائى ورغم أنى دفعت ما يوازى أكثر من مرتب شهر ورغم كل شىء إلا أن المدينة تحتضنك بأمومية خالصة ..نظل نتحسر على حال لبنان وذلك الركود وفقدان همة المواطنيين وتعاستهم ..جميلة بيروت


السبت

أستمتع بالذهاب إلى الجبل ومغارة جعيتا وأستمتع بالتزحلق على الجليد وركوب التليفريك ..أودع بيروت ..أموت شوقا إلى عمروأظل طوال اليوم أتنقل فى الصور الذهنية بين عمرو وبيروت


أستقل الطائرة بانبهار أقل واطمئنان وسكينة ..أودع بيروت من الطائرة وأعدها بالعودة مرة آخرى مع عمرو لنكتشفها سويا ..أعدها بأنها ستستمتع هى الآخرى بمعرفة عمرو وسشهد صورا جميلة لها على الانترنت بكاميرا عمرو وبأننى سأكون أهدأ واستقبلها بشكل يليق بها لأنه معى وسأصبح مطمئنة



Friday, January 04, 2008

عام لم يبدأ بعد

أحاول الكتابة منذ أيام ، أفتح الصفحة يوميا ، وأخط عنوانا وبضع كلمات وأمسحها فورا

الرغبة فى اللا شىء .. تسللت 2008 فجأة إلى لم أستقبلها كما إعتدت أن أستقبل العام الجديد ، لم أشترى لبن رايب

قضيتها فى المستشفى مع جدتى .. أتخذت قرارات سريعة فى صباح اليوم التالى ..حاولت الإقتراب منى بقدر ما إستطعت..لكننى فشلت

أمر بحالة غريبة منذ أيام ، حالة تجعلنى أستقبل كل الأشياء بعمق ، تنفذ إلى داخلى وتؤلمنى ..ما أكثر الأحداث فى هذا الأسبوع ، مرض جدتى وضعفى الذى أكتشفه فى كل مرة أضطر فيها أن أتحمل المسؤلية ، بالأمس وقفت أمام سرير جدتى مرتبكة غير قادرة على حملها مع الممرضات ، أبكى من الداخل متسمرة فى مكانى عاجزة عن فعل أى شىء ..ظللت بجوارها إلى الواحدة صباحا وأنطلقت وحدى فى تاكسى إلى البيت ..كم بدا الشارع كئيبا ومخيفا فى الواحدة ..ظللت أبكى فى التاكسى بحرقة متجاهلة نظرات السائق المتسائلة ..أسرع إلى دفىء فراشنا وأرتمى فى حضن عمرو رغم غضبى منه لأنه لم يكن معى فى هذا الموقف


كم تألمت لأجلك يا أسماء وأنت تتحدثين عن أحلامك وقراراتك فى العام الجديد وحنينك لشجرة النبق فى مدرستنا الثانوية .. تتحدثين بعمق إفتقدته فيك منذ سنوات ..تألمت لأنى الآن فى هذه اللحظة غير قادرة على مساعدة أحد فى إحتياجاته


أستعد صباح الأحد للسفر إلى لبنان فى ورشة عمل تمتد لأسبوع .. ربما السفر يخرجنى من تلك الحالة الضاغطة ويمكننى أن أستعيدنى والبدء فى هذا العام الذى لم يبدأ بالنسبة لى

eXTReMe Tracker