Wednesday, April 24, 2019

كانجرو لا يحمل أطفاله فى جيبه



لدى مساحة الان للكتابة عن الأمومة ، مساحة واسعة ،تسع أحلامى ومخاوفى ، تسع تلك البقعة من النادى التى أخترت الجلوس فيها لساعة واحدة . يمكننى التماس الدفء وصغيرى نائم كع أبيه فى المنزل .
يااااه سبعة شهور وبضعة أيام هى عمر صغيرى لم أخرج فيها وحدى الا لساعات قليلة لم تتعد الثلاث ليصرخ لابيه ويرفض لبنى الذى أعدته في زجاجة الحليب ويتمرد عليه ويحن لرائحتى فأعود سريعا .
اليوم أعددت نفسى للاستمتاع بساعة واحدة فى النادى المجاور ـ أخذت عدة الاستمتاع ورقة وأقلام .
أعددت خطتى ساعة الا ربع للكتابة والتأمل وربع ساعة لشراء أشياء فارغة لا قيمة لها . لن أشترى حفاضات أو مناديل مبللة أو المزيد من البافتتات التى أصبحت مغرمة بتنوع أشكالها . فقط أشياء تافهة لا تخص أحد غيرى ، ربما زجاجة مانيكير . أعد ما تبقى فى المحفظة وأصر على شراء متعتى الساذجة . أعرف أنه ليس لدى وقتا لوضع المانيكير وأننى فى الغالب سأتركه ليقشر وأتذكر أغنية "ليه يا باكينام " وهى تحكى عن مانيكرها المقشر . وارتضى شكله حتى ينخرنى الاحساس بالذنب تجاه روحى فازيله وأضع اخر .
سألتنى صديقة منذ أيام عن مشاعر الذنب التى أشعر بها تجاه صغيرى . فى الحقيقة أنا لا اشعر بالذنب الا تجاه نفسى ـ استيقظ في الايام الاخيرة على نوبات قلق ، استيقظ بروح متعبة فأرى مؤشر احتمالى وقد نفذ .
رضوى انت  بحاجة الى الشمس والهواء وحدك- هواء لا يتنفسه سواكى . الرغبة فى البكاء في السينما وحيدة تلح على ، أحب دورى كأم واستمتع به لكنى أحن الى مساءات الوحدة .
اقترحت صديقتى فيلم جميل كئيب يمكننى البكاء فيه فى السينما ، ظللت أرتب جدولى لأجد مساحة للسينما والبكاء فلم أجد وقتا يتسع للبكاء وحيدة .
اقترح الفيلم ذاته صديق اخر وارسل رابط مشاهدته فى رسالة لكنى بعد أن تأهبت للجلوس أدركت متعة  السينما فاغلقته .
أنا الان سعيدة بمساحة الشمس والعواء المنعش ، الصداع يتوارى قليلا وصوت زن سليم يختفى من أذنى .
لن أفكر في الاشياء السيئة من حولى – لن أفكر في فنجان الشيكولاته السىء أو خدمة عمال النادى المحبطة – سأفكر فى روحى .
سأمتن بشدة لزوجى الذى منحنى ساعة ليجلس فيها مع الصغير .
أتذكر عرض الاطفال الراقص الذى ذهبت اليه مع سلمى منذ أيام كان هناك كانجرو يرقص وجيبه الذى يضع فيه أولاده فارغ – سألتنى سلمى عندما عدنا أين ذهب الصغار ؟ فأجبتها أن الام كانت في العمل والصغار يلهون بعيدا عنها قليلا . لكنى تذكرت أننى أضع صغيرى في جيبي وأنا ذاهبة الى العمل . اعتدت أن أرضع في كل مكان – فعليا فى كل مكان ز فى اجتماعات العمل وأثناء قيادة مجموعات مساندة المطلقات التى أقوم بها مؤخرا .
أشعر بالضغط الرهيب والذنب تجاه روحى . يصرخ صغيرى بشدة فأحاول تهدئته فلا يهدأ الا عندما يلقم صدرى ويختبىء داخلى . سليم أنا مجهدة وأحاول الاختباء من العالم لكنك تجبرنى على الوقوف ثابته .
لا أعرف تلك اللحظة التى اردت فيها أن أصبح أم مرة اخرى لكنى متأكدة أنى سعيت اليها واردتها بشدة وصليت من أجلها .
أنا أم جيدة أعرف ذلك لكنى أشعر بالضغط الشديد ـ أذكر نفسي بمحاضرات ادارة الضغوط التى أجيدها وألعب لعبة السيرك وتوازن البهلوان ورقصة البالية وأنا أحمل أطفالى .
أكرر لنفسى أن مشكلتى تكمن في اننى اريد القفز باطفالى وهم في مرحلة تحتاج الام فيها الى المشى رويدا رويدا .
رضوى رفقا بروحك – افعلى ما تشائين ـ يمكنك الان صرف الاموال التى معك فى شراء زجاجات مانيكير حتى لو لم تستخدمينها . اشترى خواتم واكسسوارات لن تصلح وانتى تحملين سليم وهو يلعب فيها ويضعها فى فمه لكنك تصرين على ارتدائها حتى لو اضطررتى الى خلعها عشرات المرات فأنتى تستحقى .
أكتب هذه التدوينة فى محبة ذاتى وفى محبة رقصة الكانجرو وجرابه الفارغ مؤقتا من الاطفال .

eXTReMe Tracker