Wednesday, July 25, 2018

رسالة الى سليم صغيرى المنتظر


وحشتنى الكتابة على المدونة ، لا أعرفنى حين أكف عن البوح ، وقتها  أتيه فى غربة العالم ، أحمل فى رحمى جنينا صغيرا يفصلنى عن روحى ـ يقف بينى وبين نفسى ، بينى وبين ما أحب فى الحياة .اقاوم كل المشاعر السلبية وأحاول أن أكون كما رسمت راضية مبتهجة .
طفلى الصغير أحبك جدا ، لكنى أعانى فى مسيرة حبك ، العالم أصبح قاسى جدا ، منذ مطلع هذا العام ونحن نعيش أزمات اقتصادية كبرى ، جسدى يشعر بالثقل ، أفكر فى عشرات الأشياء يوميا ، أفكر فى كيف يمكننى الاهتمام بأختك واللعب معها وخروج ضحكة صافية من القلب ، أفكر فى الأصدقاء وفى عملى وفى مرضاى وفى عائلتى وكيفية مساندة الصغار الذين يكبرون بعيدا عنى وفى أبيك واحباطاته اليومية .. أقاوم بشدة لأقعل أشياء صافية من القلب .
جسدى يثقل وأشعر بالاختناق وأقاوم لأجرى الى الله وأشكو له بطفولتى المعهودة ، لكنى تحولت الى أنثى فى السنة الماضية فأقاوم أنوثتى وأعود للطفولة للحظات مع الله ، أحكى وأطلب ما اشاء وأعود الى العالم ربما بحمل أخف قليلا لكنه سرعان ما يثقل .
جسدى يثقل وفى مقاومة ذلك أحن إلى أصدقائى ، أحن إلى جلسات ننثر فيها الحكى العميق فيرطب ارواحنا فنشعر بندى الصباح يبلل أفواهنا فى قيظ هذا الصيف الرهيب .
أصدقائى متعبون ـ يحملون ما لا يطيقون ، وأنا أقف على مسافة لا أستطيع تقديم المساعدة كما أحب فأغرق فى الذنب وأقاوم بكل تكنيكات مناقشة الأفكار السلبية .
منذ العام الماضى وأنا لا أجد وقتا للتأمل ولا الحزن ، الأمور تسير بسرعة شديدة أسرع من سرعة أمك حين تنجز الأشياء .
موت جدك أربكنى لأننى حتى الأن لم أفعل ما كان ينبغى على فعله ، لكن الحياة تسير بسرعة شديدة وأنا لا أملك إلا المقاومة المستميته .
فى أواخر العام الماضى شعرنا أنا وأبيك بحاجتنا لطفل آخر ، سلمى فرحة وتنتظرك ، تنظر إلى بطنى المنتفخة وتخبر كل أصدقائها بأن فى داخل رحمى طفل اسمه "سليم "
رغم كل مشاق هذا العام دعنى أحكى لك عن النور الذى ينفذ بين وقت وآخر ،فرغم قسوة الحياة ، إلا أننا  نملك مهارات تلونها ، دعنى أتحدث عن الألوان ، دعنا نسمى علاقتى بالله اللون اللبنى ، فى وسط العتمه الأسبوع الماضى تحدثت معه فأرسل رسائل لى أنارت طريقى فشعرت ببهجة حقيقية .
دعنى أحدثك عن اللون البمبى وهو لون بهجة أختك حين تدندن أغانيها المفضلة ثم تنتابها نوبة صخب فتقول لى بفرح يدفع للبهجة " ماما يلا ارقصى " فأحاول الرقص ببطنى المنتفخ وجسدى المتعب .
أبيك يملك اللون الأخضر ، طزاجة وطبيعية الحياة معه ما زالت تبهرنى وتدفعنى للرغبة فى التأمل .
سنملك يوما وقتا طويلا نحكى سويا عن الألوان وكيف نرسم البهجة رغم السخف  .
على كل أنا أكتب  لأوكد على حبك وانتظارى لك ، أنا وأبيك وسلمى ننتظرك بشدة ، نحاول أن نقف مقاومين سخف العالم بكل ما نملك من أدوات .
حبييي الصغير سأعلمك بعض المهارات لتملك المقاومة ، سامح نفسك على الأخطاء وثق أنك لا تقصدها لأنك طيب وجميل ، حب الله وتمسك بايمانك وثق أنى سأعلمك كيف ترى الله .
أملك الثقة بأنه يمكنك دوما البدء من جديد ، لأنك فى كل مرة ستبدأ فيها ستجد رصيدا متراكما من النجاحات ، سأعلمك أيضا كيف ترى نفسك رجلا ناجحا .
نعم صغيرى ربما لا أعدك أن العالم سيصبح أكثر جمالا ، لكننى أعدك أن أعلمك كيف تصبح سعيدا بهذا القدر من المتاح ، أعدك أن تتعلم الحلم وكيفية تنفيذه .
على كل سأكتفى بهذا القدر الان لأننى سأشاهد فيلما دافئا بعد أن استرخيت وكتبت لك .
انتظر ابتسامتك وكفك الصغيرة وهى تلاعب كفى الأكبر ، أنتظر حضنك وعينيك الصغيريتين .


eXTReMe Tracker