Sunday, May 20, 2012

براج


يبدو أننى وقعت فعليا فى غرام براج ، أحب المدن التى يطل فيها الله بقوة ، أحب المدن التى تلتف حول هويتها .. أحب المدن التى يمتد فيها النهار طويلا ، فعليا طويلا جدا .
تطل حجرتى فى الفندق  على السماء مباشرة والأفق أمامك مزيد من زرقة السماء وخضرة الزرع الممتد واللون الأحمر لبيوت أوروبا.
أحب المدن الهادئة التى تسكن هدوء روحى وتمنح عقلى  قدرة على التأمل .
كنت بأمس الحاجة الى أجازة حقيقية  ، أن أرمى ورائى مرشحين الرئاسة والتفكير فى أصلحهم ، أن أرمى ورائى كل شىء ولا أفكر فى شئ سوى  الله وأمارس بعض من ألوان التأمل .
براج هى الأكثر قدرة على منحى كل ذلك ، قبيل السفر بأيام طلبت من الله أن يزور معى أوروبا ، أن أشعر بحضوره المكثف معى كما فى مصر .
بمجرد أن سكنت حجرتى ووضعت المصحف بجوارى ونظرت للسماء وجدته هناك  . حادثته وطلبت منه أشياء كثيرة .
المدينة هادئة يظل النهار ساطعا حتى الثامنة مساء ،  يجعلنى ضوء النهار مشرقة وسعيدة .
قلبى يسكن بين براج القديمة والجديدة ، قلبى يسكن فى الجسر الفاصل بينهما وفى النهر وفى كنيسة العذراء والتلاميذ الاثنى عشر .. قلبى يسكن فى شوارعها الداخلية وعيون أطفالها وفساتين البنات المزركشة والكلاب المستكينة .
ما زالت لدى رغبة فى الخروج وحيدة فى الصباح الباكر وركوب الترام ومصاحبة كتاب دافىء والجلوس فى الحديقة .
لم أكن أعرف أن هواى أوروبى الطابع ، أنا الشرقية جدا التى تذوب جبا فى الحسين بأزقته ورائحة شوارعه .
ما بين أزقة الحسين وشوارع براج تتشكل أشياء جديدة فى القلب .
هنا أسمح لنفسى باختبار أشياء جديدة ، لأول مرة أستسلم لمساج فى الجسم ، تلمسنى المرأة بقوة وتدلك رأسى وقدمى  وكل ذرة فى كيانى فيذوب الألم بين يديها ، أرى بعض الأفكار والمشاعر تنسحب من رأسى الى الأرض .. أنظر إليها وأودعها سعيدة .
أعد المدينة أننى سأذهب إليها مرة آخرى ، سأقف اليوم أمام الجسر ، أمام النهر مباشرة وسأعده أننى فى السنوات القليلة المقبلة سأتيه برجل سيتزوجنى وسيحب المدينة وسنقضى شهر العسل فيها ، سنجلس لساعات أمام النهر نكتب كثيرا ونتحدث كثيرا ثم نقرأ ما نكتب لبعضنا البعض .
شكرا يا رب لأنك تمنحنى فرصا حقيقية لزيارة أماكن ما كانت الصغيرة تحلم بزيارتها ، تمنحنى فرصا لإكتشاف الذات من خلالك .. تلتف حول قلبى وتسكنه بحنو بالغ .. أعرف أنك ستكون كريما معى وستمنحنى واقعا بمقاس حلمى .

eXTReMe Tracker