Sunday, April 15, 2012

كسر الايقاع



عندما علمت أننا سنذهب إلى عيون موسى وحمام فرعون وسنتسلق الجبل شعرت أننى بصدد رحلة روحية ربما تعوضنى بشكل ما عن تأخر فيزا العمرة – هناك سأحدث الله من فوق الجبل ، حيث كلم موسى الله ، هناك سأشكو له كل ما علق بروحى ، سأحدثه عن تحديات كثيرة أعيشها ، وسأحدثه عن انجازات كثيرة حققتها .

دوما هو من يأتى إلى منفذا رغباتى الصغيرة ، أريد أن أذهب إليه حيث يسكن فى السماء ، من أعلى نقطة سأحدثه .. من قمة الجبل .

المثير للضحك أننى لم أضع أى تصور حول كيف سيمكننى الصعود الى قمة هذا الجبل – لم يسبق لى صعود أى شىء سوى شقتى الجميلة ، حيث أقطن فى الدور السادس .

هذه الرحلة كانت بمثابة تحدى لى أيضا ، كسر الإيقاع وفعل أشياء لا أرتاح إليها . عندما قرأت عن الرحلة على الانترنت وجدت عبارة " أصحاب القلوب الضعييفة يمتنعون " هذه العبارة وحدها كانت كافية لتغيير خطتى ، لكننى كنت بحاجة الى رؤية عالم مغاير لعالمى الساكن الحذر .

اتفقت مع أختى أننى سأفعل كل شىء ، سأصعد الجبل وسأزحف فى الكهف على بطنى وسأحتمل عدم وجود أى وسائل تكنولوجيا .

لم تثق فى أختى وشعرت أننى عند نقطة ما سأعجز عندها سأجلس لأتصفح كتاب أو أكتب بضع صفحات فى كشكولى منعزلة عن كل ما يحدث .

جلست أحدث الله وأقول أننى سأصعد الجبل وأتحمل مشقته من أجله فقط سأنتظر القمة لأراه وأطلب منه ما أريد .

هذه الرحلة كانت تحدى حقيقي لكل شىء داخلى ، التواجد مع أشخاص لا أعرفهم نهائيا ولا يعبرون عن اى شىء أؤمن به ، لا توجد أى أرضية مشتركة بيننا ، حتى سبب الرحلة لم يكن مشتركا

، بنما كنت أبحث عن الله والروحانية ، كانوا يبحثون عن الاثارة وحب المغامرة وهى أبعد ما تكون عنى .

فى الاتوبيس ذكرنا قائد الرحلة بكل ما كتب على الانترنت عن الرحلة ، وجلس يتحدث عن المغامرات التى سنقوم بها ، والكهوف التى سندخلها ودرجات الحرارة التى سنختبرها والجبل الذى سنصعده .






مفهومى عن الرحلة دوما هو كل ما يتوافر فيه شروط الرفاهية ودفء الأصدقاء ، بمجرد الذهاب الى المحطة الأولى حيث عيون موسى وجلس يتحدث عن العيون لتى انفجرت وشجرة موسى التى ظللت عليه وتحدث عن خرافة أن هذه الشجرة تسجد لموسى حتى الان وأن كل فروعها تنمو ساجدة لأسفل ، كنت أناقش فى عقلى لماذا لا تكون ساجدة لله ممتنة ، لكنى لم أقتنع ، فالله لا يحبنا ساجدين طوال الوقت يحبنا نعمل رافعين رؤوسنا فى السماء .

فى المحطة الثانية والأخيرة حيث حمام فرعون والكهوف والجبل وجدت المكان خشنا جدا – الطبيعة كما خلقها الله – لا وجود لأى تكنولولجيا أو رفاهية ، لا كراسى ، لا مظلات ، لا حمامات ، لا توجد غرف تغيير ملابس ، لا توجد محلات ، وأمر الاتوبيس أن يرحل .

أن تتواجد فى الصحراء فقط لأول مرة وتواجه خوفك وضعفك شىء جديد بالنسبة لى .


بمجرد أن أعلن عن فقرة الكهوف طلب متطوعين فى المرة الأولى ، تذكرت ما وعدت به نفسى ، رفعت يدى وذهبت معه ، كان الأمر شاقا جدا ، أن تزحف على بطنك وتدخل مكان لا تعلم ما فيه مظلم تماما وفى يدك بطارية صغيرة تضىء لك النور ، ولا يوجد معنى لما تفعله سوى أنك تتحدى نفسك وخوفك وتهز ثباتك ومعتقداتك القديمة – صوت داخلى كان يرتفع فى أعماقى يشجعنى بأننى أستطيع فعل ذلك – سألت من حولى " هل توجد ثعابين؟" ضحكوا لأن الثعابين لا تتواجد فى الأماكن الحارة جدا – أجابنى رجل عجوز " مش ممكن أبدا " كانت هذه الاجابة كافية لمواجهة كل خوفى ، كنا عشر أشخاص ، ستة أولاد وأربع بنات ، جلست بنتين عند أول الطريق خائفين ولم يستكملا ، بينما أستكملت أنا واختى وباقى الأولاد الطريق . فعلت كل الأشياء بشجاعه ، احتملت درجة الحرارة التى ترتفع بمجرد دخولنا لحجرة جديدة وزحفت على بطنى لأن المكان ضيق جدا وفى النهاية خرجت بشعور جديد ، كنت أريد التصفيق لنفسى ووجدتنى أردد " لقد فعلتها " أنا أسطيع فعل أى شىء أريده فقط إذا واجهت ضعفى وقلة حيلتى وآمنت أننى أستطيع .


فى الفقرة التالية حيث صعود الجبل كان الجنون والدهشة يصحباننى ، الارتفاع ليس كبيرا جدا ، لكن الطريق غير ممهد بالمرة وليست لى خبرة فى صعود الجبال .. والموضوع لا علاقة له بالروحانية نهائيا ، لن أستطيع محادثة الله وأنا أكاد أقع وأحاول حفظ توازنى وبين لحظة وآخرى أنظر لتحت فأحدث من حولى بأن ما نفعله جنون وأن من يسقط من هنا سيموت وأحاول النظر بين وقت وآخر لأختى لأتأكد يأنها ما زالت على قيد الحياة ولم تسقط .

لكنى سمعت نفس الصوت فى أعماقى بأنك تحتاجين لذلك ستصعدين وأنه آن الآوان لفعل أشياء لا تقدرين عليها وتضايقك – الحياة ليست الاستمتاع فقط بما نحب . أمنحى نفسك فرصة لاختبار مشاعر جديدة لا تعلمين طعمها – امنحى نفسك فرصة لتذوق ما لا تشتهيه .



بمجرد الوصول الى النقطة التى أمرنا بها مرشد الرحلة كنت فى حالة نشوة وأختبر قدرات لم أعلم أنها بداخلى أصلا ، طلب منا أن نقفز على الكثبان الرملية ونستمتع بالتزحلق من أعلى قمة ورؤية المنظر الخلاب .

كنت أشعر أن هذه اللحظة مناسبة للحديث مع الله ، لكنى لم أفعل ، كأننى كنت أقول له أنت تعرف ما الذى أريده منك ولا تحتاج للحديث معى الان – سأتحدث معك عندما أذهب الى بيتى بجوار الزرع والمرجيحة والسماء .

لم تختلف فقرة السباحة فى البحر عن كل ما فات ، وجود صخور كثيرة والحذر عند فعل أى شىء وعدم وجود كرسى أجلس عليه ، أنا المرفهة جدا التى تشعر بالاشمئزاز لتلامس قدمها على الرمال الممتزجة بالمياة وتكرة ملح البحر وتحب الاسترخاء على شيزلونج وتنظر للسماء .


واجهت فى هذه الرحلة كل ما كنت أظن أننى لا احبه ولا اقوى عليه – واجهت نفسى بضعفاتها وعلمت أننى أستطيع فقط اذا صدقت ذلك ونويت أن أفعله .

eXTReMe Tracker