Friday, June 22, 2012

رائحة


لا أعلم منذ متى بدأ يتشكل وعى بدور حاسة الشم فى حياتى ، أعرف أننى اتحرك وربما أكون انطباعات أولية من خلالها ، لبيتى هنا رائحة تسحرنى أتفنن فى صنعها وحفظها ، رائحة الفانيليا التى أكتشفت أنها تناسبنى أكثر من رائحة الصندل ، تبهرنى تلك اللحظة التى أدخل فيها الى الشقة فتنبعث رائحة الفانيليا بانسيابية شديدة .
رائحة الكيك الممتزج بالهدوء فى أيام الجمع والسبت وأنا أصنعه بروقان مضاعف لأعبر عن حبى لأصحابى أو لأهلى .. رائحة غطاء السرير فى المساء الممتزج برائحة الكريم الذى أضعه يوميا على يدى وقدمى ، ونشوتى عندما أشمه بعد عودتى من السفر فى الوادى فأشعر بالحنين والامتنان للبيت .
لا أحب الفنادق لأنها بلا رائحة خاصة ، لا أحب تلك الروائح الباردة للعامة ، أميز رائحة أصدقائى ، ولكل منهم رائحة بمعنى مختلف ، كل بيت ذهبته كان برائحة تختلف عن الآخر ، وتتشكل رائحتى بتشكلى فى المكان .
أحب رائحة الروف الممتزجة بالهواء الساقع والريحان والنعناع وعشرات الزرعات الاخريات ، كل ذلك يمتزج مع صوت طقطقة المرجيحة فيصنعان عالما سحريا .
الشمع المتناثر فى الصالة يمتزج مع رائحة اللوحات ودهان الحائط والفانيليا فيصنعا عالما موازيا .
لم أقع فى حب شرم الشيخ لأنها ليست لها أى رائحة على عكس براغ الجميلة التى تمتلك روائح كانت تخترق مسامى وأتنفسها بحرية .
أحب رائحة الشتاء وصخب الصيف ،ورائحة الحسين ورائحة الغسيل بعد خروجه توا من الغسالة ورائحة الأطفال بعد خروجهم من غرف الولادة .
أحب تلك الرائحة التى تنطلق من السماء بعد محادثة طويلة مع الله فتنشر فى جسدى كله سكينة .

Tuesday, June 19, 2012

أنا مش معاكوا





"أنا مش معاكوا " تلك هى العبارة التى طرأت على ذهنى بالأمس وأنا أتابع محاولة تزويج إحدى البنات بشكل مهين جدا بالنسبة لى ، عريس من أمريكا مهندس وعنده فيلا فظيعة رأتها صاحبة العر على الانترنت ، صديق لزوجها لا يراه زوجها غير مرة واحدة فى العام فى أجازة قصيرة جدا لا تتعدى الايام منذ أن هاجر الى امريكا منذ عشرين عام .

" هيموت ويتجوز عنده اربعين سنة ونفسه يسقر وحد يسليه " ، " أنت بس طالما ما لكيش فى النت رنيله وهو هيكلمك لو حسيتى انك مستريحه هو هينزل يتجوزك"

كنت جالسه أتابع الحوار وأنظر للمسكينة التى ارتضت  أن تهاتف شخصا لا تعرفه ومن خلال مكالمة تليفون  ستأخذ قرار مصيرى بهذا الشكل .

كدت أجن ، جلست أناقش المسكينة فى كل الاحتمالات السيئة التى يمكن أن تحدث لها من الزواج برجل لا تعرفه والسفر الى امريكا ، كانت تحدثنى عن الافق الذى سيتسع لها بالسفر وكنت احدثها عن الافق الذى سيضيق جدا فى امريكا .

ظلت تتحدث بقية النسوة عن القسمة والنصيب ويرددن حكايات لبنات سافرن وخلفن وعشن سعيدات . شاركتنى بسر أنها لا تريد أكثر من أحد تحكى معه فى المساء عن احباطات يومها بدون نقد وتوبيخ .. حدثتى عن أخيها الذى يطلب منها أن تمشى من شارع محدد حتى يمكنه تعقب أثرها .

حدثتى عن وظيفتها المملة جدا والتى تجلس فيها طوال اليوم تشرب الشاى ، حدثتى عن الجامعه المفتوحه التى دخلتها لتكمل تعليمها وتتفوق وتحسن من فرصها فى العمل والزواج .

لم أستطع أن أحدثها عن أى شىء ، بدوت مثل حجرة عثر تريد الوقوف ضد هذه الزيجة ولا تتحدث مثل النسوة المتفائلات الاتى يقنعنها بخوض التجربة .

بدوت وحدى قادمة من عالم بعيد جدا عن عالمها ، عالم متسع جدا ، نظرت لى للمرأة التى تأتى بالعرسان " لازم اجيبلك انتى كمان حاجة " رديت بسرعة " لا شكرا .. انا مش معاكوا "

كيف يأخذ الاحباط احد بقبول ذلك ، كانت تنظر لى باستعجاب ، كنت قادمة توا من شرم الشيخ  كمأمورية عمل ومجهدة وكنت أحكى لهم اننى لم احب شرم الشيخ ، وأننى أحب الاسكندرية أكثر بكثير .

كانت تنظر لى نظرات متفحصة ، وعينيها تسألنى عن الاحتياج الى الاخر .

لم أحدثها أننى أحتاج لآخر ، لكننى لن أقبل الاهانة مقابل ذلك ، وأن أمريكا لا تزغلل عينى والفيلا الواسعه ليست بمقاس حلمى حلمى يتسع لكتابين نقرأهما باستمتاع وقدرة على الحلم والكتابة ورجل محب دافىء متقبل يقدس العائلة .

لم أحدثها أننى أرى السعادة فى كل الاحتمالات ، اذا لم اتزوج سأتبنى طفل وسأكون عائلة من فردين – المجد للاسرة .

انتهت الجلسة وهى تأخذ رقم الرجل الذى لا نعرفه والذى يمثل لها الخلاص من الاخ والعمل والافق الضيق .. تركتهم وانسحبت أكرر جملة " انا مش معاكوا " .

-           

Wednesday, June 06, 2012

تأملات



أحن دوما لصباحات يشغل فيها التأمل حيز الفراغ ، صباحات كالخبز البيتى الطرى .. صباحات ندية برائحة الفانيليا وطعم السكينة فى مدينة براغ .
أمارس بعضا من ألوان التأمل الصباحى وألقى نظرة على شبابيكى وغرفى المفتوحة دوما على العالم .
أتسائل لماذا أنسحب بتخاذل واضح من المظاهرات والأحاديث الثورية ، أفعل الصالح كما يبدو لى ، أنتخب حمدين وأقرر إبطال صوتى فى الاعادة وأناكف صديقتى التى ستنتخب شفيق ولا أحزن لموقفها بعمق وإنما أتفهم مخاوفها وأتركها وشأنها .
قلبى لا يحتمل الاحباط ، منذ أيام وعندما ظهرت مؤشرات الاعادة بين شفيق ومرسى وحدى كنت موقنة من خرافة ذلك ، وأن حمدين سيكتسح وهناك خطأ ما ، استيقظت باكرا ووضعت فى السيارة شريط عبد الحليم وهو يعنى للثورة ولمصر وهاتفت صديفتى وأيقظتها من النوم لتعدنى أنه بمجرد الاعلان الرسمى للنتيجة وفوز حمدين سنحتفل فى التحرير ، استكملت نومها وتركتنى أحلم ، لم أكن أصلا فرحة باختيارى لحمدين ، لكنه بدا أفضل الاختيارات لى .
هذه الأيام مهتمة أنا بالشعر ، أعيد قراءة سوزان عليوان وعبد الحميد عبد الهادى وأحاول صنع سى دى لمحمود درويش وأقرأ لعمر نجم .. يعيدنى الشعر لست سنوات مضت .. يعيدنى الى رضوى قديمة تحب الشعر وظنت مرة أنه من السهل أن تصبح شاعرة ، لكنها أحبت كتابة القصة وصنع الحكايات .
أتأمل هذا الصباح فى قطتى التى ظلت تبكى طوال الليل على القط الذى تزوجته وأخذتها بعد أسبوعين من عنده لأننى افتقدتها بشدة ، أتامل فيها وهى توازن بين الجلسة فى الروف بجواز الزرع وبين حبيبها .. بدت هذا الصباح مطمئنة هادئة .. على كل هى تتأقلم وتتحسن وتعود لعالمها مرة آخرى .
أتأمل فى الفيلم الذى رأيته بالأمس " جولى وجوليا " تبدو ميريل ستريب بديعة فى الفيلم ، دوما هى الأفضل .. الفيلم منحنى احساسا فريدا ، تمنيت أن أكون زوجة لأحدهم لا تفعل شيئا فى حياتها سوى الطبخ  ، لا بل يمكنى أن أقول عشق الطبخ ، لكننى كنت سأضيف عليه مساعدة الناس فى استشارات سريعه وأنا فى المطبخ على منضدة خشبية أجلس بجوار البطة التى يأحاول نزع عظامها منها وحشوها بينما تجلس بجوارى سيدة أحاول أن اسمعها وأعلمها بعض المهارات التى تجعلها سعيدة وراضية .
على كل أنا راضية الان .. سعيدة رغم فشلى فى صنع سى دى لمحمود درويش .. سعيدة رغم قرار أنه حان وقت مذاكرة مادة برامج الوقاية لأن الامتحان يوم الاربعاء ، راضيه لأنه يمكننى سرقة بعض الوقت والذهاب الى السينما وحيدة .



eXTReMe Tracker