Sunday, December 08, 2024

تدوينة عيد ميلادى

 لم أدرك قيمة المدونة لديّ إلا عندما أفقت في الصباح وكتبت اسمها على محرك البحث على الإنترنت ولم أجدها. شعرت بأن عشرين عامًا قد ضاعت من تاريخي. بدأت التدوين في 2005، ولا أعرف: هل سيحتفظ الإنترنت بالمدونة، ويمكن لابنتي أن تشاهد تناتيف من روحي وأحلام الفتاة التي كنتها؟

تخبرني صديقتي في الصباح أن كلمات عامي الجديد هي اللطف، والحكمة، والفرح. أعرف أنني جاهدت طوال حياتي وأخلصت للفرح. ربما في الأعوام القليلة الماضية عاندني، فتحايلت عليه ولاطفته حتى يمنحني بعضًا منه.

ثلاثة وأربعون عامًا أتمّها اليوم. تخبرني سلمى في الصباح أنها تحبني لأنني أفهمها وأعرّفها على نفسها وما تختبره من مشاعر جديدة على أبواب المراهقة. ويخبرني سليم أنه يحبني لأنني أشجعه وأفعل الأشياء التي تبهجه قبل أن يطلبها.

في الصباح، استقبلت رسائل عيد ميلادي. قالت لي أمي: "كل عام وأنتِ إلى الله أقرب." قررت ألا أغتاظ من العبارة الكليشيهية، وقلت: ألستُ أحبك يا الله وأتمنى أن يظل الحبل بيننا موصولًا؟ ألستُ أحاول طوال سنوات عمري أن أميز بين إرادتي وإرادتك؟ فلتكن أمنية أمي مباركة.

لم يهاتفني أبي في المساء كعادته، ولم يخبرني كم تعب ليختار هدية مميزة لعيد ميلادي. إنه هناك، بالقرب من بيتي، يرقد في مدافننا، لكن روحه هنا، تسكن قلبي.

على بالي يا حبيبي. منذ أيام كنت أحكي لصديقة عنك بالأمس وأخبرها أنك لم تسخر من أحلام مراهقتي أبدًا. في الخامسة عشرة، أخبرتك بثقة أن أحمد فؤاد نجم هو فتى أحلامي، وذلك بعد أن قرأت كتاب "الفاجومي". تخبرني بابتسامة واسعة: "هل رأيتِه؟" قلت: لا. فتأخذني إلى أمسية شعرية، فأغير رأيي وأختار محمود درويش فارسًا لأحلامي.

في الثانوية، كتبت مسرحية عن كليوباترا، فجلستني مع ناقدة مسرحية لأحكي لها ما كتبته. لا أعرف بما رشاها لتسمعني حتى النهاية ولا تسخر من مراهقتي.
أبي، أفتقدك، لكنك تسكن روحي.

بالأمس وضعت شجرة الكريسماس وظللت أفكر: متى سأخبر سلمى وسليم بعدم وجود بابا نويل؟ أجلت التفكير في ذلك واكتفيت بصخب أغاني الكريسماس معهما.

يسألني محمد: هل نخرج سويًا للغداء؟ أخبره أنني أريد الأكل في المنزل. فقط خروجة قصيرة وحدي في المول المجاور للبيت لأحتسي كابتشينو، وسأعود لنحتفل ونأكل أكلًا بيتيًا ونكتفي بتورتة في المساء.

أحب البيت. تسكنني جدرانه كما أسكنه. أستمع إلى فيروز وأستمتع بملمس السويت شيرت الذي اشتريته خصيصًا لعيد ميلادي، وبرائحة الكريم الذي أهدتني إياه صديقتي. وفقط... لا أريد أكثر من ذلك.

أخبرتني صديقتي منذ قليل أن كلمة "الثبات" تصفني في عيد ميلادي، وقالت ثباتي على البهجة، والإيمان، والفرح، وثبات الأمان رغم القلق.
هل قلت القلق؟ ذلك الزائر السخيف الذي أحايله بكل الطرق ليتركني أشعر بالأمان. ربما أكتب عنه يومًا كتابًا عن "كيف تحايل قلقك فتصادقه فلا يؤذيك."

المهم أنني كتبت تدوينة عيد ميلادي، وأنني الآن أشعر بالأمان والرضا.

Wednesday, July 13, 2022

فى مواجهة شبح الأمومة

 

لا يمكننى بدقة تحديد اللحظة التى أردت فيها أن أصبح أما ، لكنى موقنة من أنها كانت موجودة وسعيت لها بكل السبل ، فى الحقيقة سعيت لها فى المرتين التى حظيت فيها بكونى أما .

الحمل بدون مساعدة طبية كان أمرا عصيا فأنا مدركة كم المنشطات والمساعدات التى تلقيتها لأرزق بطفلي ، ممتنة لاستجابة الله فى تلك الليالى التى كنت أفتح فيها صندوق هدايا الله وأنظر لملابس الأطفال التى اشتريتها من كل مكان أحببته فى انتظار من يرتديها .

مع ميلاد كل منهم كانت قطعة من روحى تسقط وتذوب فيهم لتكمل مشهدا أريد أن أراه أو حلم لهما .

فى كل مرة أمنحهما من روحى أحاول أن أعوضنى حتى لا أتلاشى ، فى رحلة الحفاظ على عدم التلاشى، يظهر لى  شبح  يهددنى بالاختفاء معه ويبلغنى فى وقاحة أننى أكثر من أجاد دور الأمومة لذا أختارنى للاختفاء .

يضعنى ذلك الشبح فى مأزق بين اختيار أمومتى والدفاع عن روحى وهويتى .

لا تجدى معه النقاشات العقلانية ومحاولات التوازن ، ففى كل مره كنت أحاول التوازن فيها كان يضحك ويخبرنى باستمتاع سادى "ألم أقل لك أنك أصلح من يقوم بهذا الدور " .


Wednesday, December 08, 2021

أربعون شمعة فى تورته عيد الميلاد

 

غدا أتم الاربعين ، قلقت عندما  أخبرتنى الطبيبة منذ شهر تقريبا أن أحسن التعامل مع جسدى ، لم أتوقع أن يخبرنى أحدهم ذلك ، بشكل لا مبالى نظرت للورقه المدون فيها بياناتى وتاكدت من العمر وهزت رأسها فى حياديه وأخبرتنى " الاربعين دايما لها "هَبّه "

شعرت بالقلق وسألتها عن كل الأشياء التى يتوجب علي فعلها لأتجنب تلك الهبات .

من يصدق أننى سأتم الاربعين غدا ، وكيف مر كل هذا الوقت ؟

أتأمل ما فعلته فى سنوات عمرى ، عافرت وأتممت كل الاشياء التى أردت اتمامها واغلقت كثير من الملفات التى شعرت بالحيره أمامها وواجهت كثير ممن أردت مواجهتهم .

كرهت اتمام الماجستير وانجزته رغم كم الصعوبات التى واجهتها ، اخترت موضوع الدكتوراه وأتممته بشغف حقيقي ومزاج رائق .

أحببت وتزوجت وانجبت طفلين ، لماذا تشعرين بالقلق والخوف يا رضوى ؟.

فى السنة الاخيرة أجدت التعامل مع طفلتى الداخلية ، تبنيتها وربت عليها ، فعلت لها كثير من رغباتها ، لكنها تريد المزيد ، تكبر طفلتى الداخليه لتصبح مراهقه لها رغباتها الخاصة وتمرداتها .

القلق وراثى فى عائلتنا ، القلق من المرض والخوف من مواجهة الموت . لست مستعدة يا الله ، عندما أخبرتنى صديقة منذ أسابيع أنها مستعده للموت وانها فعلت كل ما تريده فى حياتها وستموت مطمئنة على طفلها وزوجها ، شعرت بالانزعاج الشديد وتسائلت  كيف يتصالح المرء مع الموت ؟

بينى وبين الله عهدا أننى لا أريد الموت الان لدى أشياء أريد فعلها وملفات لم ترتب بعد .

 لست متصالحة مع فكرة الموت وعندما أستعد سأخبره ووقتها سيفكر فيما سيفعله .

فى الحقيقة لست متأكده من صحة هذا العهد ولا أعرف هل ابتسم  الله حقا حين أخبرته بذلك  أم أننى تخيلته يبتسم .

لا أعرف الوقت المحدد الذى عرفت أن لدى فيه علاقة خاصة بالله ، ربما فى الابتدائية عندما حصلت على مجموع سىء جدا وظللت أبكى وتحدثت مع الله " من فضلك اعمل معجزه وخلينى اجيب درجات حلوه " بعد يومين يخبروننا بخطأ فى النتيجة وأننى حصلت على مجموع أكبر بفارق عشره فى المائه .

لم يخذلنى الله يوما ولم أغضب منه أبدا ، حتى تلك الأحدات السيئة أنا المسئولة عنها . حين أحببت للمرة الاولى أخبرت الله أننى متأكده من اختيارى وليس لدى أى رغبه فى تغيره . يا الله أنا متمسكه به . وعندما أحببت فى المره الثانية وقفت امامه باكيه وقلت له خائفه لكنى أثق بك ، لست متمسكه ببشر لكنى متمسكه بك ، أمنحك توكيل الاختيار بنفس راضية .. فقط كن بجانبي .

لا أريد بوستا كئيبا فى عيد ميلادى الاربعين ، أنا ما زلت تلك الطفلة الراضية ، ربما الطفلة كبرت قليلا لتصبح مراهقه متمرده لكنها مراهقه جيدة تقتنع بوجهات النظر وتعرف خطئها وتسرع فى تصحيحه .

ماذا تريدين يا رضوى فى السنين القادمة ؟ ربما الصحة والستر لا أكثر . يمكننى اضافة بعض الافلام التى أود مشاهدتها وحفلات أريد حضورها .

أضحك من نفسي وأنا أتذكر أستاذى فى الجامعة وهو يخبرنى بأن لدى سيكولوجيه النجمة ، أتذكر ذلك وأنا أتخيل تلك الاحتفالات التى ستقام فى كل مكان بمناسبة بلوغى الاربعين وكيف سيحتفل الاصدقاء والاهل بشكل لم يسبق اختباره من قبل وتلك الاجتهادات التى ستفاجئنى وتدغدغ قلب الصغيرة المراهقة .

رضوى ستقضين يوما هادئا مع أسرتك الصغيرة ، سيفرح الصغيران بالتورته ويصر سليم أنه من سيطفئها وسيطلب تورته عليها ديناصور وستخبره سلمى بلهجة الأخت الكبرى أن التورته لعيد ميلاد ماما وتعده أننا سنحضر فى عيد ميلاده تورته عليها ديناصور وسيبدأ فى طلبات هدايا عيد ميلاده .

منذ أيام كتبت صديقة على الفايس بوك بوستا أعجبنى عندما شعرت بالقلق من دخولها منتصف العمر ووضعت نقطة بجوار الاعوام الماضية وبدأت فى العد من جديد .

سأربت على طفلتى وأمنحها حق الظهور وأستئذن المراهقة فى الانسحاب قليلا ، وسأمنحها حق الفرح بيوم ميلادها سأطلب من الله أن يستخدم قوته لسحب القلق ومنحى يوما دافئا لن أقضيه فى الحسين كباقي أعياد ميلادى ، سأذهب الى اماكن آخرى يمكننى التقاط صورا جميلة فيها أضعها على صفحتى وقد تليق احداها بشرف صورة البروفايل .

يا رب امنحنى سنوات من الطيبة والهدوء ومحبة الناس والصحة ، هل يمكننى تعديل الجملة لتصبح الصحة فى البداية ، يا رب أريد مشاهدة أفلاما كثيرة وقراءة كتب كثيرة واستكمال روايتى واحراز انتصارات طفولية تفرح الصغيرة داخلى .

Wednesday, April 24, 2019

كانجرو لا يحمل أطفاله فى جيبه



لدى مساحة الان للكتابة عن الأمومة ، مساحة واسعة ،تسع أحلامى ومخاوفى ، تسع تلك البقعة من النادى التى أخترت الجلوس فيها لساعة واحدة . يمكننى التماس الدفء وصغيرى نائم كع أبيه فى المنزل .
يااااه سبعة شهور وبضعة أيام هى عمر صغيرى لم أخرج فيها وحدى الا لساعات قليلة لم تتعد الثلاث ليصرخ لابيه ويرفض لبنى الذى أعدته في زجاجة الحليب ويتمرد عليه ويحن لرائحتى فأعود سريعا .
اليوم أعددت نفسى للاستمتاع بساعة واحدة فى النادى المجاور ـ أخذت عدة الاستمتاع ورقة وأقلام .
أعددت خطتى ساعة الا ربع للكتابة والتأمل وربع ساعة لشراء أشياء فارغة لا قيمة لها . لن أشترى حفاضات أو مناديل مبللة أو المزيد من البافتتات التى أصبحت مغرمة بتنوع أشكالها . فقط أشياء تافهة لا تخص أحد غيرى ، ربما زجاجة مانيكير . أعد ما تبقى فى المحفظة وأصر على شراء متعتى الساذجة . أعرف أنه ليس لدى وقتا لوضع المانيكير وأننى فى الغالب سأتركه ليقشر وأتذكر أغنية "ليه يا باكينام " وهى تحكى عن مانيكرها المقشر . وارتضى شكله حتى ينخرنى الاحساس بالذنب تجاه روحى فازيله وأضع اخر .
سألتنى صديقة منذ أيام عن مشاعر الذنب التى أشعر بها تجاه صغيرى . فى الحقيقة أنا لا اشعر بالذنب الا تجاه نفسى ـ استيقظ في الايام الاخيرة على نوبات قلق ، استيقظ بروح متعبة فأرى مؤشر احتمالى وقد نفذ .
رضوى انت  بحاجة الى الشمس والهواء وحدك- هواء لا يتنفسه سواكى . الرغبة فى البكاء في السينما وحيدة تلح على ، أحب دورى كأم واستمتع به لكنى أحن الى مساءات الوحدة .
اقترحت صديقتى فيلم جميل كئيب يمكننى البكاء فيه فى السينما ، ظللت أرتب جدولى لأجد مساحة للسينما والبكاء فلم أجد وقتا يتسع للبكاء وحيدة .
اقترح الفيلم ذاته صديق اخر وارسل رابط مشاهدته فى رسالة لكنى بعد أن تأهبت للجلوس أدركت متعة  السينما فاغلقته .
أنا الان سعيدة بمساحة الشمس والعواء المنعش ، الصداع يتوارى قليلا وصوت زن سليم يختفى من أذنى .
لن أفكر في الاشياء السيئة من حولى – لن أفكر في فنجان الشيكولاته السىء أو خدمة عمال النادى المحبطة – سأفكر فى روحى .
سأمتن بشدة لزوجى الذى منحنى ساعة ليجلس فيها مع الصغير .
أتذكر عرض الاطفال الراقص الذى ذهبت اليه مع سلمى منذ أيام كان هناك كانجرو يرقص وجيبه الذى يضع فيه أولاده فارغ – سألتنى سلمى عندما عدنا أين ذهب الصغار ؟ فأجبتها أن الام كانت في العمل والصغار يلهون بعيدا عنها قليلا . لكنى تذكرت أننى أضع صغيرى في جيبي وأنا ذاهبة الى العمل . اعتدت أن أرضع في كل مكان – فعليا فى كل مكان ز فى اجتماعات العمل وأثناء قيادة مجموعات مساندة المطلقات التى أقوم بها مؤخرا .
أشعر بالضغط الرهيب والذنب تجاه روحى . يصرخ صغيرى بشدة فأحاول تهدئته فلا يهدأ الا عندما يلقم صدرى ويختبىء داخلى . سليم أنا مجهدة وأحاول الاختباء من العالم لكنك تجبرنى على الوقوف ثابته .
لا أعرف تلك اللحظة التى اردت فيها أن أصبح أم مرة اخرى لكنى متأكدة أنى سعيت اليها واردتها بشدة وصليت من أجلها .
أنا أم جيدة أعرف ذلك لكنى أشعر بالضغط الشديد ـ أذكر نفسي بمحاضرات ادارة الضغوط التى أجيدها وألعب لعبة السيرك وتوازن البهلوان ورقصة البالية وأنا أحمل أطفالى .
أكرر لنفسى أن مشكلتى تكمن في اننى اريد القفز باطفالى وهم في مرحلة تحتاج الام فيها الى المشى رويدا رويدا .
رضوى رفقا بروحك – افعلى ما تشائين ـ يمكنك الان صرف الاموال التى معك فى شراء زجاجات مانيكير حتى لو لم تستخدمينها . اشترى خواتم واكسسوارات لن تصلح وانتى تحملين سليم وهو يلعب فيها ويضعها فى فمه لكنك تصرين على ارتدائها حتى لو اضطررتى الى خلعها عشرات المرات فأنتى تستحقى .
أكتب هذه التدوينة فى محبة ذاتى وفى محبة رقصة الكانجرو وجرابه الفارغ مؤقتا من الاطفال .

Sunday, December 30, 2018





منذ أيام وأنا أرغب فى كتابة تدوينة ، لم أعد أكتب كثيرا ، فى الحقيقة قليلا جدا .
لدى رغبة فى المكاشفة العلنية ، الكتابة عن العام الماضى بكل ما فيه من أفراح وامتنانات وقلق .
لم أعد تلك الطفلة التى يزورها بابا نويل ، أبى مات فى العام قبل الماضى وترك فى روحى ندبة لن تختفى ولم يعد بابا نويل يضع الشيكولاته فى الجوارب الفارغة تحت المخدة .
بابا نويل لم يعد يزورنى رغم أننى جيدة وطيبة وأقوم بمهامى جيدا .
ابنتى طلبت منى أن أسمع كلامها حتى يزورنى بابا نويل ولأننى جيدة لصقت قلب صغير على جبهتى وطلبت منى أن أذهب به للعمل ليعرف كل أصدقائى أننى جيدة .
أشعر بالرضا عن كل ما مر فى عامى هذا ، الحمل بسليم وولادته ودخول سلمى المدرسة ورسائل الله التى كدت أشك بانتهائها لكنها سرعان ما تدفقت هذا العام بكثرة فغمرتنى نورا .
ربما هذا العام مررنا بضائقات مالية كثيرة لكنها كانت تنفرج أسرع من قدرتنا على التحمل ، فتذيب جبال القلق .
ماذا تريدين يا رضوى فى عامك القادم ؟
رعم امتنانى الشديد للدوران فى رحم الأسرة ،إلا أننى أرغب فى الانطلاق . طفلى الداخلى يحتاج للظهور وفى مرات كثيره تنهره أمى الداخلية لتؤجل رغباته فيشعر بالكبت .
أخبر نفسى أن هذا العام سأنطلق أكثر وسأحاول الذهاب الى السينما والحفلات وجلسات الأصدقاء التى باتت بعيدة عنى . سأشترى زرعا جديدا وروائح عطرية للبيت لتمتزج مع رائحة الخبيز . وسأقرأ أكثر وأكتب أكثر .
أعددت قائمة بكل ما أنوى فعله . أخبرت روحى أننى سأقاوم قسوة الحياة بفنجان قهوة مع الأصدقاء لن أدع الحياة تدهسنى كما تفعل مع الآخرين . سأقاوم رغبتنا فى اللحاق بثمن الأشياء التى نختارها.
ساختار رضاى عن العالم ، سأختار دفئا يملىء قلب الصغار فرحا ، سأرتاح قليلا من لعبة السيرك التى تستهدف التوازن ..سأواظب على سماع صوت الله وأنفذ ما يقول فأرضا عنه فيرضا عنى .
وأنا ألملم شجرة الميلاد هذا العام لن أنسى أن أحتفظ لنفسى بكرة حمراء صغيرة ربما أكتب على جوانبها أحلامى ، فربما تتعطل عربة سانتا فى طريق عودته ويأتى إلى فيجد كرتى الحمراء ويهدى طفلى الداخلى لعبا صاخبه ومفرحه .
سأخبر سانتا عن طاعتى ، لكنه سيخلع طاقيته الحمراء ليخبرنى بنظرة دامعه أنه لست مطالبه بالطاعة فقط كونى أنتى وتحررى من كل الغباء .
سأسئله عن كنة هذا الغباء لكنه سيرحل قبل الأجابة عن السؤال .



Wednesday, July 25, 2018

رسالة الى سليم صغيرى المنتظر


وحشتنى الكتابة على المدونة ، لا أعرفنى حين أكف عن البوح ، وقتها  أتيه فى غربة العالم ، أحمل فى رحمى جنينا صغيرا يفصلنى عن روحى ـ يقف بينى وبين نفسى ، بينى وبين ما أحب فى الحياة .اقاوم كل المشاعر السلبية وأحاول أن أكون كما رسمت راضية مبتهجة .
طفلى الصغير أحبك جدا ، لكنى أعانى فى مسيرة حبك ، العالم أصبح قاسى جدا ، منذ مطلع هذا العام ونحن نعيش أزمات اقتصادية كبرى ، جسدى يشعر بالثقل ، أفكر فى عشرات الأشياء يوميا ، أفكر فى كيف يمكننى الاهتمام بأختك واللعب معها وخروج ضحكة صافية من القلب ، أفكر فى الأصدقاء وفى عملى وفى مرضاى وفى عائلتى وكيفية مساندة الصغار الذين يكبرون بعيدا عنى وفى أبيك واحباطاته اليومية .. أقاوم بشدة لأقعل أشياء صافية من القلب .
جسدى يثقل وأشعر بالاختناق وأقاوم لأجرى الى الله وأشكو له بطفولتى المعهودة ، لكنى تحولت الى أنثى فى السنة الماضية فأقاوم أنوثتى وأعود للطفولة للحظات مع الله ، أحكى وأطلب ما اشاء وأعود الى العالم ربما بحمل أخف قليلا لكنه سرعان ما يثقل .
جسدى يثقل وفى مقاومة ذلك أحن إلى أصدقائى ، أحن إلى جلسات ننثر فيها الحكى العميق فيرطب ارواحنا فنشعر بندى الصباح يبلل أفواهنا فى قيظ هذا الصيف الرهيب .
أصدقائى متعبون ـ يحملون ما لا يطيقون ، وأنا أقف على مسافة لا أستطيع تقديم المساعدة كما أحب فأغرق فى الذنب وأقاوم بكل تكنيكات مناقشة الأفكار السلبية .
منذ العام الماضى وأنا لا أجد وقتا للتأمل ولا الحزن ، الأمور تسير بسرعة شديدة أسرع من سرعة أمك حين تنجز الأشياء .
موت جدك أربكنى لأننى حتى الأن لم أفعل ما كان ينبغى على فعله ، لكن الحياة تسير بسرعة شديدة وأنا لا أملك إلا المقاومة المستميته .
فى أواخر العام الماضى شعرنا أنا وأبيك بحاجتنا لطفل آخر ، سلمى فرحة وتنتظرك ، تنظر إلى بطنى المنتفخة وتخبر كل أصدقائها بأن فى داخل رحمى طفل اسمه "سليم "
رغم كل مشاق هذا العام دعنى أحكى لك عن النور الذى ينفذ بين وقت وآخر ،فرغم قسوة الحياة ، إلا أننا  نملك مهارات تلونها ، دعنى أتحدث عن الألوان ، دعنا نسمى علاقتى بالله اللون اللبنى ، فى وسط العتمه الأسبوع الماضى تحدثت معه فأرسل رسائل لى أنارت طريقى فشعرت ببهجة حقيقية .
دعنى أحدثك عن اللون البمبى وهو لون بهجة أختك حين تدندن أغانيها المفضلة ثم تنتابها نوبة صخب فتقول لى بفرح يدفع للبهجة " ماما يلا ارقصى " فأحاول الرقص ببطنى المنتفخ وجسدى المتعب .
أبيك يملك اللون الأخضر ، طزاجة وطبيعية الحياة معه ما زالت تبهرنى وتدفعنى للرغبة فى التأمل .
سنملك يوما وقتا طويلا نحكى سويا عن الألوان وكيف نرسم البهجة رغم السخف  .
على كل أنا أكتب  لأوكد على حبك وانتظارى لك ، أنا وأبيك وسلمى ننتظرك بشدة ، نحاول أن نقف مقاومين سخف العالم بكل ما نملك من أدوات .
حبييي الصغير سأعلمك بعض المهارات لتملك المقاومة ، سامح نفسك على الأخطاء وثق أنك لا تقصدها لأنك طيب وجميل ، حب الله وتمسك بايمانك وثق أنى سأعلمك كيف ترى الله .
أملك الثقة بأنه يمكنك دوما البدء من جديد ، لأنك فى كل مرة ستبدأ فيها ستجد رصيدا متراكما من النجاحات ، سأعلمك أيضا كيف ترى نفسك رجلا ناجحا .
نعم صغيرى ربما لا أعدك أن العالم سيصبح أكثر جمالا ، لكننى أعدك أن أعلمك كيف تصبح سعيدا بهذا القدر من المتاح ، أعدك أن تتعلم الحلم وكيفية تنفيذه .
على كل سأكتفى بهذا القدر الان لأننى سأشاهد فيلما دافئا بعد أن استرخيت وكتبت لك .
انتظر ابتسامتك وكفك الصغيرة وهى تلاعب كفى الأكبر ، أنتظر حضنك وعينيك الصغيريتين .


Wednesday, November 22, 2017

إنه الشتاء يا أبى


أبى  الحبيب

أعرف أنك بالأمس كنت ستخرج إلى مقهاك المفضل  مرتديا ذلك البالطو الكحلى الذى أحبه ، وستضع كوفيتك الجميلة ، لم أجرؤ على أخذ أى من ملابسك ، رشا أخذت البالطو وقالت أنها ستشعر بالتحسن إذا كان جزء منك موجودا معها ، كلما شعرت بالثقل ستختبىء فى البالطو .

أستيقظ يوميا برغبة صادقة فى الفرح ، أقاوم كل الخذلان اليومى الذى يفرضه على الواقع ، الحياة تضيق بنا يا أبى لكنى أبنتك و أردد لنفسى ما كنت دوما تقوله لنا .. غدا أفضل .

ممتنة لك هذا الصباح لأن صلابتى النفسية أنت السبب فيها ، كتبت اليوم على صفحتى على الفايس بوك  أننى أقاوم واقعنا اليومى بتلك الصلابه .

الحياة صعبة يا أبى وأنت أورثتنا حب الوطن والرغبة المستميته فى عدم الفرار ، صدقنى أنا أواجه باستماته كل صباح سخافات العالم لكنها تتزايد ، أحاول أن أزرع فى سلمى مازرعته داخلى ، نمارس أنشطة كثيرة ، نضحك ونلعب سويا ، نقضى وقتا ممتعا، نذهب لمشاهدة مسرح العرائس ودرس الموسيقى ، أسمع مقترحاتها ، أمنحها مساحة للتعبير عن غضبها .

أنا لا أستطيع الاستمرار فى ذلك ، البديهيات فى هذا الوقت أصبحت أكافح من أجلها ، الحياة تتعقد وأنا لا أريد سوى حياة بسيطة تسمح لنا بالمتعة الخالصة .

أحاول أن أبدو تلك البنت الراضية ، أكافح لكى أكون مرضية ، أفعل كل الأشياء التى تبدو صحيحة كما يقول الكتاب ، ما زلت أضع أكلا لعصافير الله فى السماء وما زالوا يمتنون ويملئون البلكونه صخبا ، منذ أيام نظرت للأموال المتبقية حتى أخر الشهر وفكرت فى سعر الذرة العويجة الذى تزايد وأخذت القرار بلا تردد اشتريت لهم الكميه التى سيحتاجونها لأسبوع وقلت لنفسى لن أفكر فى الأسبوع القادم . فلنعيش لليوم فقط .

ما زلت أحتسى القهوة فى الصباح ،وأمتن لله على كل الفرص ، فى وسط قرفى ونقمتى أول أمس قلت لنفسى على أن أمتن لكل ما يحدث من مفاجآت صغيرة ، ابتسمت رغم السخف .

دعنا نتحدث عنك قليلا ، أريدك يا ابى أن تحدثنى عن العالم الآخر ، كيف تقضى يومك ؟ هل ما زلت تحتسى القهوة فى الصباح وهل ما زلت تشربها باردة وهل وجدت رفاقك القدامى الذين رحلوا كما تركتهم منذ سنوات ؟

منذ متى يا أبى ونحن نريد الجلوس سويا فى مقهى وحدنا ، آخر مرة  جلسنا فيها كانت منذ أن حدثتك  لأول مره عن رغبة محمد فى الزواج منى.. حدث ذلك منذ خمس سنوات .

على كل لا تقلق أنا أفضل الآن بعد الحكى معك ، ربما أصبح بمقدورى أن أستحضرك عندما أريد .

ما زلت تلك البنت المبهجة القادرة على صنع الفرح ، أعدك أننى سأستمر فى المحاولة ولن أخذل نفسى ، سأسمح بالقليل من الحزن ثم سأستمر فى صنع الفرح وسأمتن للأشياء الصغيرة وألتقطها وسأستمر فى  وضع الأكل للعصافير والأبتسام فى وجه الحزن .

eXTReMe Tracker