بريق
شىء ما فى سارة يشبه سحر ، سارة هى زوجة بواب العمارة التى أسكن فيها حاليا ، وسحر هى زوجة بواب العمارة التى كنا نسكن فيها معا .
طوال الوقت أقول لها سحر وهى لا تنزعج نهائيا ولا تقرر أن تصحح لى أسمها .. أطفالها الثلاثة يشبهون أطفال سحر .. ربما ما يشترك بينهما هو محمد اسم زوجهما .
الطريق من العمل الى المنزل الجديد طويل نسبيا أقطعه وأنا أدير بعض الأغانى فى سيارتى " ولعة " العامل المشترك بين الحياتين .
ولعة الوحيدة التى ما زالت تحتفظ بنفسها كما هى بعد التجربة .. يقولون فى العمل أننى مثال للمرأة القوية التى تجيد التعامل مع الضغوط
أحاول يوميا التعامل مع تلك الضغوط ، أفكر كيف يمكننى زرع الفرحة فى عيناى ، أطيل هذه الأيام النظر فى المرآه ، أطيل النظر الى عيناى أبحث فيهما عن احساس قديم ، عن لمعة فقدتها ، فى الصباح عندما أذهب للعمل ، يخبرنى أصدقائى بلهجة تبدو لى كثيرا صادقة
" وشك منور النهارده " أسألهم عن عيناى هل ما زالاتا تحتفظان باللمعة ، لا يجيبنى أحد .
أتعامل هذه الأيام مع سيدات معنفات ضمن مشروع نقوم به فى المؤسسة التى نعمل بها ، تحكى لى المرأة بحزن عميق عن مشاكلها الزوجية ، أنظر لعينيها ، لا أجد بريقا ، تحكى عن العنف الذى تتعرض له ، وعن مآسى يومية تعيشها ، وعن عدم تفهم واضح لطبيعة أى منهم .. أشعر بالإحباط .
منذ أيام كنت أتحدث مع صديق عن تجارب الزواج فى جيلنا ، ولماذا ننسحب بسرعة من العلاقة ، هل لأننا نشعربأننا جيل مختلف ولن نطيق العيش بشكل يحمل بعض من الملل ، وبالطبع ينتابنا شعار " لسنا مثل أهالينا " لن نعيش هكذا .. سنقاوم ونبحث عن الأفضل ، سنبحث عن السعادة الحقيقية ، سنفترق ونحن أصدقاء .. سنصنع بصمة خاصة بنا .
هل هناك سعادة مطلقة ، فليخبرنى الباحثين عنها ، ماذا وجدوا ؟ فليخبرنى أحدكم عن معنى السعادة .. السعادة بالنسبة لى هى الرضا عن الحياة ، هى تلك الأشياء الصغيرة التى نزرعها بأنفسنا أو يزرعها أحد آخر فتثير البهجة فينا .
كدت أفقد أعصابى وصديق آخر يحدثنى عن تفكيره فى الانفصال عن زوجته التى أعرف جيدا انهما يحبان بعضهما البعض ، كدت أجن ، شعرت بالجنون أيضا لخبر انفصال قريبة لى من نفس جيلنا ، أعرف قدر حبهما لبعض .
أشعر بالعجز حيال ذلك ، أشعر بالرغبة فى مسك عصا سحرية أخبط بها على رأس كل منهم فتعيدهم الى الصواب .
لكن جزء منى يقول فلتتركيهم لشأنهم ، حتما سيبحثون عن أنفسهم ، هم أختاروا أن يبحثون عن ذواتهم ، سيكتملون بدون الآخر ، ثم يبحثون عن شخص آخر يستكملون معه الحياة .
لكن الشعور بالخسارة يجعلنى أفكر أكثر من مرة ، كيف ستجد آخر يشاركك ما أنت تحبه ؟ كيف ستجد فى هذا الزمن العطن آخر يشاركك بعمق ما تفكر فيه .
يبدو أنها رحلة أجبرنا على الخوض فيها ، نحن أبناء هذا الجيل ، الذين عشنا بلا انكسارات حقيقية فخلقنا بأنفسنا تلك الانكسارات ، أو تورطنا بشكل ما فيها .. فلنخوض رحلتنا ، فلنبحث عن ذواتنا ، فلنكتمل ثم سنرى ما الذى يمكن أن يحدث بعد ذلك .