الفانتازيا الهولندية
تدفعنى هولندا لتأمل عميق جدا حول هل أحب البلدان الأوروبية ، وهل أتخذ موقفا محايدا لأننى لا أجيد الإنجليزية ، منذ أن وطأت قدماى الأرض الهولندية وأنا أتصرف بشكل لا يشبهنى .
أحاول ألاأكون إجتماعية حتى لا أتورط فى الحديث مع احد فتنكشف إنجليزيتى الركيكة ، فى الصباح أستيقظ بمنتهى الجدية وأحزن جدا لعدم مشاركة صديقتى المصرية الفطور ، أجلس متجهمة حتى لا يجرؤ أحد على الجلوس بجوارى وعندما يسألنى أى شخص اى سؤال أنطلق بجملة واحدة I don’t know”" فهى الوحيدة التى أعرف نطقها كما الأجانب .
أفرح عندما ينزل صديقى شريف عبد العزيز الذى وجدته بالصدفه فى نفس المؤتمر ، أفرح لتحولى إلى ذلك الشخص الإجتماعى ، أتناول الفطور بشهيه ، بعد ان حاولت أخذ ساندويتش واحد فقط حتى لا يدفعنى أحدهم لمشاركة الحديث .
أجلس منذ الثامنة حتى السادسة مساء أستمع إلى الانجليزية محاولة شحذ كل تفكيرى وتركيزى فى فهم ما يقولون .
وبمجرد أن انقسمنا إلى مجموعات وفوجئت بوجود شاب وفتاه فلسطينين كدت أزغرط ، فهذا يعنى أننا أصبحنا على الطاولة خمسة من العرب وسنتحدث العربية .
بمجرد انتهاء الجلسات قررنا تناول العشاء فى مطعم يابانى وهى الفقرة الأكثر فانتازيا وضحكا منذ أن قدمنا إلى هولندا .
دخلنا مطعم لطيف ودافء بعد التمتع بكرات الثلج التى تتساقط على رؤوسنا فى الخارج ، والصحبة كانت لطيفة ، واندفعت إلينا النادلة الياباتية والتى تشبه بالتأكيد زوجة الرجل صاحب الافيه فى فيلم أحمد مكى الاخير" أين أشيائى؟" وبمنتهى الصرامة اخبرتنا النظام فى هذا المطعم ، سندفع 22 يورو مقابل كل الأشياء التى يجب أكلها فى صفحة مكونة من 7 أقسام ، لابد أن نأخذ أشياء من السبعة اقسام وننهيها جميعا ، جلسنا لنختار أشياء يابانية عجيبة لا أعرف لما ذكرنى هذا بمشهد فى مسلسل سنبل وزيبة تدفعة لأكل أشياء غريبة يوم فرحهما .. وكلما انتهينا توجهت إلينا المرأة زوجة أين أشيائى لتؤكد علينا أن 22 يورو لم ينتهوا بعد ، وأن هناك أشياء لم نتذوقها .
وعندما ترك الصديق الفلسطينى بعض الأرز فى طبقه وأكل بعض مكوناته اندفعت موبخه إياه واعتبرتها إهانة شخصية مما دفعنا لتخبئة بواقى الأكل تحت الأطباق حتى لا ينكشف أمرنا ، المرأة كانت تتعامل معنا بقرف شديد ، وغير مقدرة نهائيا لما نبذله من مجهود لأكل كل هذه الأشياء الغريبة .وحتى وصلنا للقسم الأخير وهو الحلوى وهى أجمل ما أكلنا كانت قطعة صغيرة جدا وواحدة من الأيس الكريم اللذيذ وعندما طلبنا منها آخرى قالت بحسم " أن ذلك خارج 22 يورو" .
العجيب ونحن على متن الطائرة قابلنا صديق فى المطار يعمل فى شركة الطيران التى سافرنا عليها وقرر أن يمنحنا امتيازا خاصا ودفعنا فى البيزنس كلاس وكان هذا اختبارا حقيقيا ممتعا .
كلما انتهينا من الأكل ايقظونا من النوم برقة شديدة لنأكل مرة آخرى ، هذا غير الهدايا على متن الطائرة ، والمشروبات الكثيرة ،والكرسى الذى يداعب قدميك ويدلك ظهرك ، ويطقطق صوابع قدميك .
الرحلة لم تنتهى بعد ، وأظن أنى مستمتعة رغم عائق اللغة ، فقط نفسى أكل بذنجان محشى وملوخية وفراخ محمرة .