أحتفى هذه الأيام بالفرح العميق ، الفرحة من القلب ، أن تجد نفسك فرحا فى منطقة عميقة من الروح ، عندما تغمض عيناك تشعر بابتسام روحك ، أخيرا حصلت على الماجستير بتقدير امتياز ، أعقد أننى حصلت عليها لصبرى طيلة هذه السنوات على كل ما حدث فيهم ، كثيرا ما كنت أقف باكية إزاء مشاكل بحثية ونقاشات عبثية ، ومشاكل فى الحياة ، وأقف فجأة وأقول لن أكمل ، لن أستكمل وسط كل ذلك ، لكن فجأة أشعر بأننى يجب أن أستكمل ما بدأت ، وما حلمت يوما به .
كثيرة هى المرات التى أجىء فيها من الجامعة إلى العمل مفحومة من البكاء ، أهاتف صديقتى وأنا أرتعش وأتذكر كلامها بأنه " خلاص مش مهم الماجستير ده هتموتى نفسك ليه " .. كنت أعرف أنه مهم لأننى قررت يوما أنه مهم .. وأننى لن أنسحب أبدا .
فى الأيام الماضية وعند إعلان موعد المناقشة ، كنت أعرف أنها ستكون عنيفة بما يكفى لجرحى ، كنت أطلب من الله ألا أجرح مرة آخرى ، فقلبى لن يحتمل جرحا آخر حتى نهاية العمر ، لم أستطع دعوة أحد من أصدقائى الكثيرين ، إكتفيت بأصدقاء العمل وهم أهلى وسندى ، وأبى وأمى وأختى ، وزنجى الجميل الذى لا أخجل من البكاء أمامه .
كنت أشعر أننى لن أحتمل البهدلة أمام أحد ، مهما كنت أحبه .. لذا بدت القاعة فارغة مما دفع أحد أساتذتى لسؤالى عن سبب ذلك " أنت أصحابك على الفايس بوك كتير قوى ، أنا قلت مش هلاقى مكان أقعد" أعرف أن لى أصدقاء كثيرين يحبوننى ويريدون الحضور لكن روحى لم تكن تريد أى من ذلك ، كنت خائفة ومرتعشة قبلها بأيام ، تراودنى الكوابيس ونوبات القلق .
حاولت إستخدام كل تكنيكات علم النفس فى العلاج المعرفى السلوكى ، كانت تنجح أحيانا ، إحساسى أنى حكمت على نفسى بالوحدة فى يوم كهذا كان ضاغطا لى ، لكن ما كان يطمئننى أن أصدقاء العمل معى وهو ما شد من أزرى كثيرا .
فى الصباح وقبل المناقشة جلست على مرجيحتى أمام الزرع والسماء وظللت أحدث الله بثلاثة طلبات الأول أن أهدىء ويمسك بقلبى فأشعر بالسكينة ، والثانى أن يجعل لجنة المناقشة رحيمة بى ويشعرون بالذنب إزاء هجومهم على ، والثالث أن أحصل على امتياز لأنى أريدها .
بمجرد إنتهاء الصلاة ، والذهاب إلى الجامعة وإرتداء الروب والجلوس فى مكان المناقشة شعرت بالسكينة وتملكتنى روح الدعابة وندمت على عدم دعوة كل أصدقائى ، المناقشة كانت هادئة بالنسبة لطبع أساتذتى فى الجامعة ، لكنها بدت حامية فى عيون من لا يعرفهم ، كنت هادئة جدا ولا أرتعش وأتحدث معهم كأننا أصدقاء ، بنفس نبرة الصوت الطفولية التى كنت أباغتهم بها فى قاعات المحاضرات .
كنت ممتنة لله جدا ، أشعر حقا بأننى مميزة لديه ، ممتنة لأصحابى جدا ، وممتنة لأبى الذى فاجئنى ببوكيه ورد جميل أدفئنى كثيرا ، ولأمى التى كانت عيناها تمسح وجهى وبأختى التى كانت مشفقة على تريد أن تصرخ فى وجهم قائلة " خلاص كفاية أنا عارفة أنها تعبت فى الرسالة ده " وصديقتى الحميمة نانيس التى هاتفتنى من أمريكا وكانت معنا على التليفون برسائل قصيرة طوال الرسالة لتطمئن وأدفئنى صوتها فى النهاية وصخبها عند إعلان النتيجة ..وأستاذتى مى التى حادثتنى مرتين من السعودية لتطمئن وتطمئننى ، وصديقى الجميل مدحت الذى راودته فكرة أخذى من على المنصة قائلا " بلا قلة قيمة يلا يا بت قومى نروح " وبصديقى الجميل مراد الذى جاء خصيصا من الأسكندرية وحاول فعل كل الأشياء التى تبهجنى ، وصديقتى مروة التى فاجئتى بتورته وأسماء التى ظلت تبكى بعد المناقشة وشيماء رفيقة عمرى ونجوى وكارمن ومريم وسلوى وجوزيف .
واميل الذى كان يلعب دورا حانيا جدا ، يرتب لى الأجهزة ويذهب لشراء مياة لى ويتأكد من أننى مرتاحة . صديقتى مروة أخذتنى بعد الإحتفال الجماعى إلى مكان هادىء لتقول لى " أنت قوية والحياة أبدا لم تنتهى عندك ، أنت ممسوسة بالقوة " .
أنا سعيدة وراضية الآن وهذا يكفى .