رائحة
لا أعلم منذ متى بدأ يتشكل وعى بدور حاسة الشم فى حياتى
، أعرف أننى اتحرك وربما أكون انطباعات أولية من خلالها ، لبيتى هنا رائحة تسحرنى
أتفنن فى صنعها وحفظها ، رائحة الفانيليا التى أكتشفت أنها تناسبنى أكثر من رائحة
الصندل ، تبهرنى تلك اللحظة التى أدخل فيها الى الشقة فتنبعث رائحة الفانيليا
بانسيابية شديدة .
رائحة الكيك الممتزج بالهدوء فى أيام الجمع والسبت وأنا
أصنعه بروقان مضاعف لأعبر عن حبى لأصحابى أو لأهلى .. رائحة غطاء السرير فى المساء
الممتزج برائحة الكريم الذى أضعه يوميا على يدى وقدمى ، ونشوتى عندما أشمه بعد
عودتى من السفر فى الوادى فأشعر بالحنين والامتنان للبيت .
لا أحب الفنادق لأنها بلا رائحة خاصة ، لا أحب تلك
الروائح الباردة للعامة ، أميز رائحة أصدقائى ، ولكل منهم رائحة بمعنى مختلف ، كل
بيت ذهبته كان برائحة تختلف عن الآخر ، وتتشكل رائحتى بتشكلى فى المكان .
أحب رائحة الروف الممتزجة بالهواء الساقع والريحان
والنعناع وعشرات الزرعات الاخريات ، كل ذلك يمتزج مع صوت طقطقة المرجيحة فيصنعان
عالما سحريا .
الشمع المتناثر فى الصالة يمتزج مع رائحة اللوحات ودهان
الحائط والفانيليا فيصنعا عالما موازيا .
لم أقع فى حب شرم الشيخ لأنها ليست لها أى رائحة على عكس
براغ الجميلة التى تمتلك روائح كانت تخترق مسامى وأتنفسها بحرية .
أحب رائحة الشتاء وصخب الصيف ،ورائحة الحسين ورائحة
الغسيل بعد خروجه توا من الغسالة ورائحة الأطفال بعد خروجهم من غرف الولادة .
أحب
تلك الرائحة التى تنطلق من السماء بعد محادثة طويلة مع الله فتنشر فى جسدى كله
سكينة .