فراشات ملونة
أقرر منذ الصباح أننى سأذهب إلى الحسين
، أحاول تذكر المرة الأخيرة لى هناك – إنه ديسمبر الماضى حيث عيد ميلادى ونسمات
البرد .لم أتأخر فى الذهاب يوما كل هذه المدة .
بمجرد أن تلامس قدماى المكان أشعر
بالسكينة والتخفف من كل ضغط .
أقف فى مقام الحسين تقريبا وحدى ، أتأمل
الزخارف وأفكر فى أن الحسين ليس مدفونا هنا ، حتى رأسه ليست موجودة هنا .
أدعو الله مخلصة بما أريد – أطلب المزيد
من السكينة التى افتقدتها فى الأيام الماضية
أتأمل فى كل المرات التى جئت فيها إلى
هنا .
مراحل عمرية عدة وحالات متعددة ، مرات
ذهبت وأنا فرحة ومرات محبطة وحزينة ومجروحة .
فى كل المرات خرجت وأنا لدى أمل فى غد
مختلف – خرجت وأنا أشعر بالسكينة .
أمشى فى الشوارع الخالية من المارة فى
الصباح الباكر وأجلس فى الحاكم بأمر الله ، فى كل مرة أنفذ نفس السيناريو .
اليوم وجدت الجامع مغلقا لكن شيخا كبيرا
هاتف رجل البوابة ليفتحه لى. يسألنى باهتمام شديد " إنت تبع ايه ؟"
أخبره أنى لا أتبع أحدا – فقط طلبت نصف ساعة للجلوس فى الهواء الطلق ومتابعة
الحمام من حولى .
أدخلنى الرجل وأغلق البوابة خلفى
ليتركنى حبيسة ذكريات ثلاثة عشر عاما من التواجد هنا وأحلام للمستقبل.
حلمت بأننى سأنجب طفلان ، ولد وبنت ،
البنت سمراء بشعر أسود طويل ناعم ترتدى جلباب ملون صغير وطفل سمين أبيض اللون يرتدى جلبابا
أبيض وأسير معهم فى الحسين أنا وأبيهم ليشاهدوا الجامع الذى تعشقه أمهم .
ربما سنستريح قليلا على احدى المقاهى ،
وربما سأنسحب أنا والبنت لأعلمها الغرام بالفضة .
سيشترى أبيهم لنا سوبيا وتمرا وسأخبره
كما فى كل مرة أنى لا أحب أى منهما ، سيطلب أن نصلى الجمعة هنا وسأتذمر قليلا لأن
الجو حار ولا أحب خطبة الرجل فى جامع الحسين.. لكننا سنصلى جميعا معا .
سيحدث يا رضوى – ستنجبين أطفالا فى
الوقت الذى سيختاره الله – أنت تعلمين مواعيده . أخبرك بأنه سيمنحك طفلا لكن فى
موعد يعلمه هو فقط وستوافقين عليه فيما بعد .
هذا وقت التعلم والرياضة .. امنحى نفسك
الفرصة للتعلم مرة آخرى وممارسة المزيد من
الرياضة .
أتنفس الآن بعمق وأفكر فى كم الأشياء
الايجابية التى أمتلكها ، أنفض عن نفسى بقايا أحزان وإحباط الأمس .
أكرر لنفسى أننى لم أتغير فى بعض
الأشياء ، فما زلت قادر على البدء من جديد ، وما زلت قادرة على تجاوز الإحباط
ورؤية الايجابيات .
ما زلت قادرة على تأمل الأماكن الجميلة
وحبها والاخلاص لأماكنى التى أحبها .
يا الله امنحنى أوقاتا حلوة وامنحنى
قدرة على تجاوز الاحباط وقدرة على الحلم .امنح فراشاتى الملونة براحا كبيرا يطيرون
فيه بحرية .