رسالة إلى صديقتى فى القارة الآخري
صديقتي ريهام ، هل
تعلمين أنك ألهمتنى هذه التدوينة التى يمكن أن تتطور إلى مجموعة من الرسائل عندما
كتبتي تعليقا علي صفحتى فى الفايس بوك بدأتيه بصديقتى فى القارة الآخري .
أفكر فى كتابة هذه
الرسالة منذ ذلك اليوم ، القلق أصبح أكثر أصدقائي رغبة فى مصاحبتي هذه الأيام .
بالأمس ظللت أحلم
بمهام على إنجازها وطوال الحلم وأنا اجري فى كل اتجاه لأنجزها . بالأمس أيضا كتبت
الى صديقة عبر الواتس أب أننى أثق أننى أفعل أقصي ما فى وسعي هذه الأيام لرضوى
ولطفلتى سلمي .
كثيرا ما أهتف لنفسي
فجأة أننى أريد الجلوس معك فى الشارع المجاور لى فى تلك المدينة البعيدة المسماه
الفردوس .
أخبز الكعك وأشد
الرحيل الى الشارع المجاور ، لا أصدق أننا فعلنا ذلك لثلاث أو أربع مرات ، كان ينبغي
أن نفعل ذلك أكثر .
ريهام أود أن أفضفض ،
أنا أفعل عشرات الأشياء فى اليوم ، أنفذ الجزء العملى فى رسالة الدكتوراه وأكتب
مقالات بدلا من النزول للعمل بشكل يومي ، وأجلس مع مرضي ، وأفتتح غرفة جديدة فى
مكتب أبي لأقابل فيها بعض مرضاي ، وأعمل فى بعض المشاريع التنموية التى لا تتطلب
وقتا كبيرا وألعب مع سلمي وأقرأ لها وأطبخ وأبحث علي الانترنت عن ما ينمى قدراتها
.وأجلس مع زوجي لأحكي له وأستمع إلي ما
حدث فى يومه ، وأساند أختى وأسمعها ،
وأذهب إلى حماتى وأذهب إلى أمى وأبي ، وأنزل إلى عملى الأساسي ليوم فى الاسبوع ،
وأهاتف بعض أصدقائي ، وأضع خططا لا أنفذها لضيق الوقت .
الأمس كنت منهكة جدا
أخاطب الله طوال الطريق وأنا أقود السيارة فى شوارع القاهرة قبيل العيد بأيام ،
القلق يغزل شباكه على قلبي وأحاول أن أري الله من بين الشباك .
فعلت عشرات من
القائمة المذكورة أعلاه ونزلت قبل موعد بدء الجزء العملى للرسالة بساعتين حدثنى
عقلي أنهم كافيين فى الزحام ، الدائري كان مزدحما بما يكفى لصراخى فى وجههم وكل
المخارج مغلقة ، موعد البدء يكاد يقترب ، وسلمي تبكي فى السيارة ، وأذكر نفسي أن أفراد
العينة المشاركين فى البحث سيقفون على السلم لأن المفتاح معى وربما يغادرون ،
الزحام لا ينتهى وسلمى متذمرة وأنا منهكة وأكرر عبارات تشجيعية لنفسي وأهاتف الله
وأطلب منه المساعدة لكنى لا أرى النور ، وصلت فى الموعد منهكة وفى بداية المحاضرة بدأت سلمي فى البكاء مع
البنت التى تجلس معها والبكاء مستمر بما يدفعني للمزيد من الاحساس بالذنب ، أتذكر
نتائج الابحاث المتعلقة بترك الطفل يبكي ، أفكر بلا عقلانية ، أفكر فى االاستئذان
من المحاضرة ، أخاف على صورتى أمام المشاركين فى الدراسة ، سلمى مستمرة فى البكاء
وأنا أحاول التركيز ، تنتهي المحاضرة بشكل جيد والبعض قال عنها ملهمة .
خرجت منهكة مشتاقة
للجلوس مع محمد في احد أماكننا المفضلة ، لم يكن معنا سوى القليل من المال بما
يكفي للجلوس في هذا المكان وفعلنا مؤمنين بان الله سيرزقنا غيره .
أعرف يا صديقتي أنك
تتوقعين أننا لم نستمتع بما يكفي وسلمي تبكي لانها ببساطة شعرت بالجوع وأصبحت في
الأونة الاخيرة أرضع في كل الأماكن ، أضع ساتر الرضاعة وأستسلم لسلمي ولرغباتها
بلا خجل ، تلك القطع من البيتزا التى كنت أمنى نفسها بقطمها بلذة كنت أضعها في فمي
بسرعة رهيبة لان محمد واقف بسلمي حتى انتهي .
في الصباح وبعد أن
هدأت وتبخرت شباك القلق رأيت النور وعرفت بأن الله كان موجودا ، أوصلني فى الموعد
رغم الزحام ومنحنى دقائق لتهدئة سلمي واستكمال التدريب ومنحنا رفاهية أن نصرف اخر
نقودنا فى مكان نحبه كطبطبة حقيقية .
صديقتى ريهام أعرف
أنك تعانين فى القارة الاخري مع الماريه
نفس معاناتى ، كنت أفكر لماذا نحن بهذه الهشاشه أم أننا أقوياء ـ حقيقة ليست لدى
اي اجوبة الان ، لكنى أقارن نفسي بأمي فأجدنى أضعف .
ربما أنا أقوى ـ لكنى
استيقظت هذا الصباح ولدى نيتان الاولى أن أكتب لك والثانية أن أوقف غزل شباك القلق
لينفذ النور الى قلبي .