رسالة الى سليم صغيرى المنتظر
وحشتنى الكتابة على المدونة ، لا أعرفنى حين أكف عن
البوح ، وقتها أتيه فى غربة العالم ، أحمل
فى رحمى جنينا صغيرا يفصلنى عن روحى ـ يقف بينى وبين نفسى ، بينى وبين ما أحب فى
الحياة .اقاوم كل المشاعر السلبية وأحاول أن أكون كما رسمت راضية مبتهجة .
طفلى الصغير أحبك جدا ، لكنى أعانى فى مسيرة حبك ،
العالم أصبح قاسى جدا ، منذ مطلع هذا العام ونحن نعيش أزمات اقتصادية كبرى ، جسدى
يشعر بالثقل ، أفكر فى عشرات الأشياء يوميا ، أفكر فى كيف يمكننى الاهتمام بأختك
واللعب معها وخروج ضحكة صافية من القلب ، أفكر فى الأصدقاء وفى عملى وفى مرضاى وفى
عائلتى وكيفية مساندة الصغار الذين يكبرون بعيدا عنى وفى أبيك واحباطاته اليومية
.. أقاوم بشدة لأقعل أشياء صافية من القلب .
جسدى يثقل وأشعر بالاختناق وأقاوم لأجرى الى الله وأشكو
له بطفولتى المعهودة ، لكنى تحولت الى أنثى فى السنة الماضية فأقاوم أنوثتى وأعود
للطفولة للحظات مع الله ، أحكى وأطلب ما اشاء وأعود الى العالم ربما بحمل أخف
قليلا لكنه سرعان ما يثقل .
جسدى يثقل وفى مقاومة ذلك أحن إلى أصدقائى ، أحن إلى
جلسات ننثر فيها الحكى العميق فيرطب ارواحنا فنشعر بندى الصباح يبلل أفواهنا فى
قيظ هذا الصيف الرهيب .
أصدقائى متعبون ـ يحملون ما لا يطيقون ، وأنا أقف على
مسافة لا أستطيع تقديم المساعدة كما أحب فأغرق فى الذنب وأقاوم بكل تكنيكات مناقشة
الأفكار السلبية .
منذ العام الماضى وأنا لا أجد وقتا للتأمل ولا الحزن ،
الأمور تسير بسرعة شديدة أسرع من سرعة أمك حين تنجز الأشياء .
موت جدك أربكنى لأننى حتى الأن لم أفعل ما كان ينبغى على
فعله ، لكن الحياة تسير بسرعة شديدة وأنا لا أملك إلا المقاومة المستميته .
فى أواخر العام الماضى شعرنا أنا وأبيك بحاجتنا لطفل آخر
، سلمى فرحة وتنتظرك ، تنظر إلى بطنى المنتفخة وتخبر كل أصدقائها بأن فى داخل رحمى
طفل اسمه "سليم "
رغم كل مشاق هذا العام دعنى أحكى لك عن النور الذى ينفذ
بين وقت وآخر ،فرغم قسوة الحياة ، إلا أننا نملك مهارات تلونها ، دعنى أتحدث عن الألوان ،
دعنا نسمى علاقتى بالله اللون اللبنى ، فى وسط العتمه الأسبوع الماضى تحدثت معه
فأرسل رسائل لى أنارت طريقى فشعرت ببهجة حقيقية .
دعنى أحدثك عن اللون البمبى وهو لون بهجة أختك حين تدندن
أغانيها المفضلة ثم تنتابها نوبة صخب فتقول لى بفرح يدفع للبهجة " ماما يلا
ارقصى " فأحاول الرقص ببطنى المنتفخ وجسدى المتعب .
أبيك يملك اللون الأخضر ، طزاجة وطبيعية الحياة معه ما
زالت تبهرنى وتدفعنى للرغبة فى التأمل .
سنملك يوما وقتا طويلا نحكى سويا عن الألوان وكيف نرسم
البهجة رغم السخف .
على كل أنا أكتب لأوكد على حبك وانتظارى لك ، أنا وأبيك وسلمى
ننتظرك بشدة ، نحاول أن نقف مقاومين سخف العالم بكل ما نملك من أدوات .
حبييي الصغير سأعلمك بعض المهارات لتملك المقاومة ، سامح
نفسك على الأخطاء وثق أنك لا تقصدها لأنك طيب وجميل ، حب الله وتمسك بايمانك وثق
أنى سأعلمك كيف ترى الله .
أملك الثقة بأنه يمكنك دوما البدء من جديد ، لأنك فى كل
مرة ستبدأ فيها ستجد رصيدا متراكما من النجاحات ، سأعلمك أيضا كيف ترى نفسك رجلا
ناجحا .
نعم صغيرى ربما لا أعدك أن العالم سيصبح أكثر جمالا ،
لكننى أعدك أن أعلمك كيف تصبح سعيدا بهذا القدر من المتاح ، أعدك أن تتعلم الحلم
وكيفية تنفيذه .
على كل سأكتفى بهذا القدر الان لأننى سأشاهد فيلما دافئا
بعد أن استرخيت وكتبت لك .
انتظر ابتسامتك وكفك الصغيرة وهى تلاعب كفى الأكبر ،
أنتظر حضنك وعينيك الصغيريتين .