بغداد
اكتب فى المساء بعد قراءة نص ما لكاتب عراقى لا اعرفه مهاجر الى لندن لكنه على اية حال عراقى.. اة بالفعل عراقى
الله يسامحه- ايقظ فى داخلى اشياء كثيرة.. ربما الحنين لبغداد – ذلك الوطن الذى انتمى بشكل ما اليه- هناك مارست امى الحب مع ابى لاول مرة حيث كان احتفالهما بالزواج وسط حرب ايران والعراق- يصممان انهما تزوجا فى صيف بغداد الحار لكنى اصمم ان بذرة مجيئى كانت بالشتاء – كم احب بغداد حيث ولدت
-اااه انا مولودة فى العراق وانتى فى مصر
هكذا كنت اغيظ اختى ونحن صغار.. وانا صغيرة كنت احب صدام حسين للغاية رغم ان ابى لم يكن يذكره فى احاديثه الطويلة عن بغداد- حتى مؤخرا عندما بدا الناس يكرهونه –لم اكن اعرف ما الذى ينبغى على فعله انذاك – لكننى على اية حال لم اكرهه.. عندما سافر ابى الى بغداد منذ خمس سنوات او اكثر طلبت منه ان يحضر لى طينة من بغداد بالقرب من منزلنا فى حى القاهرة – فاحضر .. اتذكر تلك اللحظات وانا اشم رائحة الطينة واستغرب لونها الاصفر وابكى ويدق قلبى بشكل عنيف.. ما اقسى الحنين الى الوطن.. ما الوطن؟.. الابد ان يرتبط الوطن بالجنسية والمعيشة تحت ارضه.. وهل عشتى انت فى بغداد اكثر من ثلاثة اشهر لم تستطع فيها ذاكرتك ان تحتفظ باحداث- لكنها استطاعت ان تحتفظ بصورة حديقة وهى حديقة منزلنا هناك- تؤكد امى بلهجة استهزائية
- مش ممكن طبعا تكونى فاكرة حاجة كان عمرك ثلاث شهور
اكاد احفظ شكل حجرتهما التى كنت ابيت معهما فيها.. لكنها لا تصدق
اشتاق للذهاب الى هناك ولشم رائحة ما واذهب الى الحسين فى كربلاء واصرخ كما يصرخون هناك و.......
لكننى ما زلت كما انا على الكرسى واكتب بفتور على الكمبيوتروابحث عن صورة ملائمة لبغداد فلا اجد سوى هذا البيت الذى لااعرفه لكنى اكاد ارى فيه شىء مختلف ..ربما ابتعاده عن زمننا .. ما زلت اكتب ورائحة بغداد تخرج من كتابة ذلك الشاعر الذى قرات له ويمتزج حنينة لوطنه الفعلى مع حنينى المتخيل.