استمرار ثورة الجياع لليوم الثاني علي التوالي
لا اعتقد بان ما رايته امس وسمعته اول امس امكنني تخيله من قبل ..نبدا من قرائتي لما كتبه مالك وذعرى وقتها وكنت احاول تامل الموقف لكن فكرة ان هؤلاء كانوا مساطيل لم تغب من راسي وقتها ، توقعت انهم تعاطوا مخدرات او خمور وكانت النتيجة ذلك ..لكني لم اكن قد تاملت المشهد بعد ..الا انني بعد مغادرتي للعمل امس في العاشرة والنصف مساء ومحاولة الركوب من عبد المنعم رياض وجدت المكان مزدحما بشكل غير عادي ..فتوقعت بانه العيد الذي نسيته لانني نزلت العمل من اليوم الثاني ..لكن الموضوع تجاوز الزحمه العادية وباءت كل محاولاتي لركوب تاكسي بالفشل ..فوجدت اتوبيس فاضي وبمجرد الركوب والنظر للجهة المقابله علي الكورنيش رايت جموع غفيره من الشباب وسمعت اصوات صراخ نسائية وهتافات الجموع بلفظهم البذىء"هنيييييييك"وظللت لفتره مذهوله ومرعوبه فهاتفت مالك واخبرته بما يحدث وظل الاتوبيس واقفا لفتره واخذت اراقب الموقف ..فوجدت الاطفال في سن العاشرة والحادية عشر يشجعون بعضهم علي الانضمام "يا الا يا ياض ندخل معاهم "وينضموا بسرعه رهيبه للثوره واخذت اتامل ملامح الذعر علي وجه ام وهي ممسكه بحرص شديد علي ايدي بناتها الثلاثه وكانها تحاول اعادتهم الي رحمها مرة اخري ..امتد الذعر الي الازواج والرجال الذين يخرجون بصحبه بنات..واخذوا ينكمشون بجوار بعضهم او يهرولون بسرعه ..لم استطع رؤيه وجوه الضحايا لكنني كنت استمع الي الصرخات واري الجموع الغفيره وهي تجري مسرعه ..ياااه اعداد ضخمه جدا جدا ..اكثر بكثير من اكبر مظاهره عملناها واعمار مختلفه ..ابتداء من العاشره الي الثلاثينات وربما الاربعينات كما قال مالك لم استطع ان اصفهم كما قالت رشا لي بانهم كلاب مسعوره او علي حد قولها باب واتفتح منه شوية كلاب ..اعذر توحدها مع الضحية لانها سالتني هل كنتي ستحللين الامر بهذا الهدوء لو كنتي الضحية ..انا احاول ان افهم ما يحدث بهدوء وبموضوعيةلان الامر خطير وغير مسبوق ..كنت افكر ما الذي يدفع مجموعة لا تعرف بعضها الي الانضمام حول هدف واحد ..ولو فسرنا الوضع علي انه البطاله والكبت الجنسي فما الذي يدفع اطفال الي الانضمام لذلك ..افكر في حب المغامره مع عدم استبعاد كل ذلك واضافه لهم دوله تتحلل ونظام لم يقف كرادع لهم منذ اول يوم ..وامس لم يكن هناك تواجد امني حتي الفتره التي كنت موجوده فيها ..فطبعا مغامره ولذه سريعه وعدم وجود عقاب واناس لا اعرفهم كل ذلك سهل المهمه امامهم ..امس وانا اتامل الموقف اخذت افكر في موضوع رسالتي للماجستير وهو بعنوان المفارقة القيمية بمعني ان تؤمن بقيمه ما وتسلك علي عكسها ..علي سبيل ما حدث امس ان تؤمن بان انتهاك عرض البنات عيب وتنتهك وتسعي للانتهاك اذا اتيحت الفرصة ..شىء مرعب بجد ..تقول الدراسات انه كلما ازدادت المفارقه علي مستوي الافراد ازداد التوتر والاضطرابات النفسية لديهم ..وهذا يعني اننا امام كارثه ومجموعه كبيره من المرضي النفسيين وان الامر لا علاقه له بتناول جرعه زائدة من المخدر ..لكن هذا سلوك لشخص واع ومدرك ..الكارثه التي بدت لي فوق الاحتمال هو غياب الامن للمرة الثانية للتوالي ووجوده بكثافه علي بعد شارع واحد عند السفاره البريطانية والامن هناك مستتب والعساكر تجلس في العربيات والضباط في الخارج .. اخذت اتسائل ما الذي يدفع كل هؤلاء الي الانضمام لذلك الهدف ولا يدفعهم للمشاركه في مظاهره معنا ..علي الرغم من ان كلا الامرين يتضمن مغامرة لطيفه ..اعتقد ان الامر يتعلق بالخوف من العقاب فالامن يتواجد بكثره في مظاهراتنا وبالتالي فهناك امكانية القبض عليهم وافساد المغامره بينما هم يمارسون اقصي طموحاتهم في الحالة الثانية وبدون رقابه ..الامر المضحك انني عندما وصلت الي شوارع الجيزة والملك الصالح لم اجد اولاد كثيرون وبات الشارع ليس كعادته فشعرت بان اولاد المحروسه قد ذهبوا للانضمام الي الثورة المباركة عند اناس لا يعرفونهم ..الامر يبدو كئيبا ومثيرا للتامل ومثيرا للدراسات السيكولوجية والاجتماعية ..ومثيرا للشفقة علي صحافتنا الحرة التي تجاهلت الامر ولم تنشر كلمه واحده